الحبوب الأوكرانية.. غذاء العالم الممنوع من روسيا
- أثر الغزو الروسي لأوكرانيا الذي انطلق منذ 24 فبراير الماضي
- سيطرة روسيا على موانئ البحر الأسود ومنعت تصدير الحبوب
أشارت الزيادة في أسعار المواد الغذائية التي أعقبت اندلاع الحرب في أوكرانيا إلى الدور المحوري للبلاد في إطعام سكان الأرض.
من خلال تعطيل صادرات القمح والذرة والشعير والبذور الزيتية الأوكرانية، تسبب الصراع في أزمة جوع في الدول الفقيرة وساهم في زيادة التضخم في الدول المتقدمة.
دور أوكرانيا في الغذاء
تعتبر أوكرانيا ثاني أكبر دولة في أوروبا، وهي مغطاة بسهول مستوية تحتوي على تربة غنية ومظلمة مثالية للزراعة.
ساعد الطعام الرخيص من أوكرانيا في تشكيل مجرى التاريخ الأوروبي، حيث أطعم سكان المدن الصناعية سريعة النمو في القرن التاسع عشر ودعم الاتحاد السوفيتي في عقود العزلة.
قبل الحرب، كانت أوكرانيا تصدر حبوبًا أكثر مما كان يصدره الاتحاد الأوروبي بأكمله، وتقدم حوالي نصف بذور وزيوت عباد الشمس المتداول عالميًا.
تعتمد أكثر من 30 دولة من البلدان المستوردة للقمح على روسيا وأوكرانيا للحصول على أكثر من 30٪ من احتياجات استيراد القمح.
طعام العرب والأفارقة
تعتمد إريتريا والصومال كليًا تقريبًا على روسيا وأوكرانيا في إمدادات القمح، بينما تعتمد تنزانيا وناميبيا ومدغشقر عليها في أكثر من 60٪ من الإمدادات، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.
ومن إجمالي صادرات أوكرانيا من الحبوب، تصل 50% إلى المنطقة: تمد لبنان بـ 50%، وليبيا بـ 43% من إجمالي وارداتهما من القمح.
كذلك، تعتمد مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، بشكل كبير على الواردات من منطقة البحر الأسود، وبالإضافة إلى ذلك، أوكرانيا هي المورد الرئيسي للذرة في مصر، بحسب معهد الشرق الأوسط.
تأثيرات الحرب
انهارت سلاسل التوريد الأوكرانية عندما غزت القوات الروسية في أواخر فبراير، وفرضت حصارا على محطات التصدير الرئيسية في أوكرانيا أوديسا وميكولايف.
بحلول منتصف العام، كان ما لا يقل عن 25 مليون طن من الحبوب التي تم حصادها في عام 2021 عالقة في البلاد، وتزامن ذلك مع بدء موسم حصاد القمح.
تم نقل بعض القمح والذرة والشعير برا إلى رومانيا وبولندا وموانئ بحر البلطيق من خلال الطرق والسكك الحديدية وصنادل نهر الدانوب.
كانت هذه الطرق قادرة على التعامل مع حوالي خُمس صادرات أوكرانيا قبل الحرب فقط، حيث بلغ إجمالي صادرات الحبوب في يونيو 1.4 مليون طن فقط مقابل حوالي 5 ملايين طن شهريًا في الأعوام السابقة، كما تعطلت الجهود المبذولة لزيادة حجم المنقول عنها بسبب ندرة وقود الشاحنات.
لكن بسبب استخدام خطوط السكك الحديدية الأوكرانية السوفيتية السابقة مقياسًا أوسع من نظيراتها الغربية، حدثت تأخيرات على الحدود وصلت إلى 30 يومًا، بحسب واشنطن بوست.
القمح سلاح حربي
في حين أن أكبر محطات التصدير الأوكرانية لم تتضرر إلى حد كبير ولا تزال تحت السيطرة الأوكرانية، فإن الموانئ والمياه الساحلية مليئة بالألغام.
اتهمت أوكرانيا روسيا بسرقة شحنات الحبوب وبيع الشحنات على أنها شحنات خاصة بها.
لكن روسيا تستفيد من الحصار من جهة أخرى، حيث حرمت حكومة كييف من الإيرادات لدعم المقاومة، وألحقت أضرارًا اقتصادية بخصوم موسكو الغربيين وعززت قيمة قمحها في السوق الدولية.
خطر المجاعة العالمية
أدى التراجع في عمليات التسليم من رابع أكبر مصدر للحبوب إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير وترك الدول المعتمدة على الاستيراد في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط تتدافع لتأمين إمدادات بديلة.
ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، تتعرض 43 دولة لخطر المجاعة بسبب هذه الأزمة.
“بصيص أمل”
جرت عدة محاولات للسماح بإطلاق الشحنات الأوكرانية، لكن الحكومة الأوكرانية أبدت قلقها في المفاوضات السابقة من أن إزالة ألغام البحر الأسود التي تساعد في حماية موانئها، سيتيح الفرصة أمام القوات الروسية لتشن هجومًا عليها، واقترحت الحكومة الروسية في السابق أنها قد تسمح بإعادة فتح الموانئ إذا خففت الولايات المتحدة وحلفاؤها العقوبات المفروضة على موسكو – وهي فكرة مستحيل قبولها.
لكن في يوليو قادت الأمم المتحدة محادثات لمحاولة إنهاء المأزق والسماح لتصدير الحبوب من موانئ اوكرانيا على البحر الأسود، وانتهت الجولة الأولى من المناقشات بـ “بصيص أمل”، بحسب الأمين العام أنطونيو غوتيريش، الذي قال إن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتحقيق انفراج.
وفي منتصف يوليو، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن وثيقة “مبادرة الحرب الأسود” ستكون جاهزة قريبا للسماح بتصدير الحبوب من أوكرانيا، وذلك بعد مفاوضات جرت في تركيا، بمشاركة موسكو وكييف وأنقرة والأمم المتحدة.
وبحسب الوزارة فقد اقترحت روسيا إجراءات لضمان نقل المواد الغذائية إلى الدول الأجنبية، بما يشمل شركاء روس، لاستبعاد استخدام سلاسل التوريد لتزويد نظام كييف بالأسلحة والمعدات العسكرية، وكذلك لمنع الاستفزازات، بحسب وكالة فرانس برس.
موسم الحصاد المقبل
تتوقع الحكومة الأوكرانية أن يكون محصول هذا العام أقل بنسبة 40٪ عن العام الماضي بعد أن تضررت الأراضي الزراعية بسبب الصراع.
لكن “بلومبرغ” ترى أن هناك مشكلة ستواجه المزراعين، وهي نفاد صوامع التخزين، حيث لا تزال ممتلئة بحبوب العام الماضي، مما يتعين ضرورة تفريغها قبل الحصاد المقبل.
وإذا أضيفت هذه المشكلة جنبًا إلى جنب مع انهيار الدخل الذي ترك المزارعين بدون قدرة على شراء البذور، فإن الأمر قد يستغرق سنوات حتى تتعافى الصادرات تمامًا.