أخبار الآن | لبنان – reuters
أعرب العديد من المصرفيين والمحلّلين عن شكوكهم إزاء محاولات من مصرف لبنان المركزي لتنظيف بنوك البلاد، محذرين من أن “ذلك يجب أن يكون في إطار خطة إنقاذ أوسع نطاقاً لإصلاح النظامين المالي والاقتصادي المتداعيين”.
وكان المصرف المركزي أبلغ البنوك المحليّة في سلسلة تعاميم، الخميس، بأن “تجمع سيولة جديدة وأن تحث كبار المودعين لديها على إعادة الأموال من الخارج، وأن تُجنب مخصصات لتغطية خسارة تبلغ 45% في حيازاتها من السندات الدولية”.
ويأتي ذلك عقب تدهور جديد في أوضاع لبنان إثر انفجار مرفأ بيروت في وقت سابق من الشهر الحالي. لكن حتى من قبل الإنفجار، الذي أفضى إلى استقالة الحكومة، كانت بيروت تكابد أزمتها المالية الأسوأ إثر احتجاجات وتخلف عن سداد الديون بالعملة الصعبة في مارس/آذار.
وفي السياق، تقول علياء المبيض، العضو المنتدب في جيفريز: “تلك القرارات الجزئية ستزيد مشاكل الائتمان والبنوك في لبنان، وقد تقوض التقدم الضئيل الذي تحقق في المحادثات مع صندوق النقد الدولي”، مع العلم أنّ هذه المشاورات من أجل الحصول على مساعدة متوقفة الآن.
وأضافت: “القرارات هذه أيضاً غير قائمة على رؤية اقتصادية مالية معدلة أو على خطة لإعادة هيكلة الدين تأخذ في الحسبان السياق الاجتماعي الاقتصادي الآخذ بالتدهور والوضع الأسوأ لديناميات الدين عقب الانفجار”.
وتأتي خطوة البنك المركزي قبيل زيارة يقوم بها الأسبوع القادم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يضغط على الزعماء اللبنانيين لإجراء إصلاحات سياسية ومالية ستتيح تقديم مساعدات أجنبية وتخفف الأزمة الاقتصادية، تتضمن تدقيقا شاملا لمالية الدولة والبنك المركزي.
وتقبع البنوك اللبنانية في قلب العاصفة بسبب حيازاتها الضخمة من الدين الحكومي، وقد طلب منها البنك المركزي زيادة رأس المال 20% بنهاية فبراير/شباط 2021 أو الخروج من السوق.
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قال عبر “رويترز” عندما سُئل عن الغرض من التعاميم: “من الضروري تنظيف البنوك بعد التخلف عن سداد الدين لأننا نريد منها أن تستأنف دورها ونشاطها”. وأردف: “البنوك لن تستطيع استئناف النشاط من دون أموال كافية لدى بنوك المراسلة”.
في المقابل، فإنّ العديد من المحللين تعاملوا بحذر مع تلك الصريحات. وفي السياق، يقول راهول شاه، مدير أبحاث الأسهم المالية في تليمر: “من الصعب معرفة لماذا قد يبادر القطاع الخاص إلى ضخ سيولة جديدة في النظام المصرفي ما لم يسبق ذلك إجراء تنظيف كامل للأصول أولا”.
كذلك، فقد تساءل المحللون أيضاً كيف تنسجم مطالبة البنوك بتحمل خسارة 45% على حيازات السندات الدولية مع خطة إنقاذ طرحتها في وقت سابق من العام حكومة تصريف الأعمال الحالية، وتضمنت خفضاً بنسبة 75% على الدين الخارجي و40% على الدين الداخلي.
ولا تتماشى خسارة تبلغ 45% مع القيمة السوقية الحالية للسندات، التي هوت لما دون 20 سنتاً في الدولار يوم الخميس، عقب صدور التعميمات وتصريحات من مسؤولين بالحكومة الفرنسية قالوا إنه لا مساعدات دون إصلاحات.
وأضاف سلامة: “لا نعرف كيف ستكون نتيجة المفاوضات بين لبنان والدائنين، لكننا اتخذنا الاحتياطات المعتادة التي تعقب مثل هذا التعثر”، مشيراً إلى أنه “يمكن تعديل المستوى من 45% بالزيادة أو النقصان، وذلك بناء على سير المفاوضات”.
إلى ذلك، قال باترك كوران، الخبير الاقتصادي في تليمر، إن “مستوى المخصصات قد ينبئ عن رغبة في تخفيضات قيمة أقل أو معاملة حيازات البنوك معاملة مختلفة عن حيازات الأجانب من السندات الدولية”.
وجرى إبلاغ البنوك أنه ينبغي تجنيب المخصصات، التي تشمل أيضاً خسارة 1.89% على ودائعها من العملة الصعبة لدى البنك المركزي، في غضون 5 سنوات قابلة للتمديد إلى 10، بشرط موافقة البنك المركزي.
ورجح المحللون أن “يكون الهدف من المهلة الزمنية ألا تنتهك البنوك، التي تكابد الأمرين لصيانة الملاءة المالية، القواعد التنظيمية الدولية لمعدلات السيولة”. ومع هذا، يقول مسؤول كبير سابق في المصرف المركزي: “هذا تمويه.. يحاولون تجميل الوضع، طبقة طلاء جديدة فوق بناية متداعية”.
وثمّة بواعث قلق أيضاً حيال محاولات البنك المركزي لإلزام كبار المودعين بإعادة بعض أموالهم من الخارج، وهو ما يرى فيه بعض المحللين مقدمة لتحميل بعض المودعين جزءا من الخسائر المالية.
وأُبلغت البنوك بأن تحث المودعين الذين حولوا أكثر من 500 ألف دولار إلى الخارج من أول يوليو/تموز 2017 على إيداع أموال في حساب خاص داخل لبنان مُجمد لـ5 سنوات وبما يعادل 15% من القيمة المحولة. وتزيد النسبة إلى 30% في حالة “عملاء المصارف من الأشخاص المعرضين سياسياً”.
وأثار التوجيه الجديد حالة من الفزع في أوساط بعض عملاء البنوك ممن لهم حيازات كبيرة في الخارج، وذلك وفقاً لمصدر يعمل في الخدمات المالية، في حين تساءلت مصادر أخرى بالقطاع عن الحوافز الممكن تقديمها لإقناع الناس بإعادة الأموال.
وقال مصدر قطاع الخدمات المالية: “ما هكذا تدار الأمور.. الحكومة، لا البنك المركزي، هي التي ينبغي أن تبت في الأمر لأنها مسألة قانونية”. وأردف: “ليس من العدل أن نطلب من المواطنين إعادة بعض أموالهم من الخارج، وإذا كانت هناك بواعث قلق حيال الأشخاص المنكشفين سياسيا فينبغي أولاً إجراء تدقيق على حساباتهم لمعرفة إن كانوا قد استفادوا من الهندسة المالية”.
وكان المصدر أشار أيضاً إلى ممارسة كان ينتهجها البنك المركزي تتضمن اقتراض الدولار من البنوك المحلية بأسعار فائدة مرتفعة من أجل صيانة الملاءة المالية للحكومة.
حكاية انفجار بيروت.. أوجاع لبنان مستمرة والفساد وصل الى أرواح اللبنانيين
يشكل انفجار مرفأ بيروت ضربة جديدة يتلقاها اللبنانيون .. ولكن هذه المرة كانت الضربة مدمرة لدرجة ان أكثر من ربع مليون من سكان العاصمة بيروت باتوا بدون مأوى.