أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (السعودية – مرصد المستقبل)
عندما توفي تشارلز فريتز في الولايات المتحدة سنة 1903 عن عمر يناهز الـ 53 عاماً، لم ينل التكريم الذي يليق به ولم يملأ الخبر الآفاق، وحتى يومنا هذا يكاد الناس لا يذكرون هذا الشخص إلا إذا قصدوا موسوعة ويكيبيديا والتي أفردت له بضع سطور تتحدث عنه وعن اختراعه.
اقرأ أيضا: أمازون تعتزم تشغيل العشرات من مراكزها عبر الطاقة الشمسية
ففي عام 1884 كان فريتز أول من نظر صوب الشمس وتعجب من كمية الطاقة التي تصبها على الأرض ولا يستفاد منها، فأتى بابتكار فريد من نوعه هو خلية السيلينيوم التي تحول الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية، والتي كانت كفاءتها لا تتجاوز 1% بينما هي اليوم 40% بفضل التطور المستمر لهذه التقنية.
لم تكن الطاقة المتجددة غائبة عن الأذهان طيلة القرن الماضي، بل كانت تستخدم بين آونة وأخرى في بعض الدول التي تمتلك من مصادر الطاقة ما يؤهلها لتوليد التيار الكهربائي، وكانت السدود القائمة على مجاري المياه خير مثال على ذلك. لكن النفط لم يتزحزح عن عرشه كالمصدر الأول للطاقة، ولم يتنازل إلا مع انتصاف القرن وظهور الطاقة النووية التي بدأت تنازعه الصدارة، هنا بدأت الدول الكبرى باستخدام هذه الموارد بنهم شديد بل وبدأت تقتتل فيما بينها للاستحواذ على مصادرها.
في موازاة ذلك كان الباحثون في مجال الطاقة المتجددة يدفعون بخجل أبحاثهم الرامية لتسخير حرارة الشمس وحرارة باطن الأرض وطاقة الرياح بالشكل الأمثل، لكن الدعم الذي تلقوه لم يكن من الحكومات، بل كان من زملائهم العاملين بمجال البيئة والذين وجهوا نداءات شديدة اللهجة أن توقفوا عن تدمير الغلاف الحيوي.
الخبر الملفت اليوم هو توجه أحد أكبر مصدري النفط في العالم والتي هي المملكة العربية السعودية صوب حقل الطاقات المتجددة، ليس بمشروع بسيط بل ببرنامج متكامل يرمي للاستفادة من مصادر الطاقة الكثيرة "الغير نفطية" التي تتمتع بها المملكة وفي طليعتها الطاقة الشمسية. ونقول برنامج متكامل هنا لأنه يمتلك رؤية مستقبلية بعيدة المدى ويوفر البيئة التحتية اللازمة لتحقيقها.
أطلس مصادر الطاقة المتجددة
إن أي مستثمر في مجال الطاقات المتجددة يبحث بالدرجة الأولى عن مصادر للمعلومات تتيح له دراسة مشروعه دراسة وافية، من هنا تم إطلاق مشروع أطلس يوضح التوزيع الجغرافي لموارد الطاقة المتجددة في كامل المملكة، وذلك من خلال أجهزة رصد وقياس موزعة على كافة المناطق الجغرافية، تعطي أرقاماً وبيانات غاية بالأهمية تمكن أي مشروع من تحقيق الاستفادة الأمثل. فعلى سبيل المثال يوجد حوالي 70 محطة رصد شمسي تقيس تركيز الأشعة الشمسية في ساعات النهار المختلفة، عدا عن محطات رصد طاقة الرياح والتي تشكل بدورها مصدراً لا يستهان به للطاقة.
10 مشاريع في 2017
وقال محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج السعودي، الدكتور عبد الله الشهري مطلع الشهر الحالي "مارس" "بعد شهر ستطرح طلبات مناقصات مشاريع الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة أمام القطاع الخاص، بما يسهم في تنويع مصادر الطاقة من خلال تعزيز إنتاج الطاقة المتجددة، في إطار تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والوصول إلى 9500 ميغاواط في عام 2030"، علماً أن تحقيق هذا الهدف سيتم على عدة مراحل، فالمشاريع الحالية ستعمل للوصول إلى 700 ميغا واط ثم 1000 ميغا واط عام 2018، 3500 ميغا واط في 2024، ومن الملفت أن الـ 700 ميغا واط الأولى ستوزع على مشاريع صغيرة تساهم كل منها بـ 50 إلى 100 ميغا واط مع توقعات بوصول عدد هذه المشاريع إلى حوالي 10.
ولا شك أن تشجيع المشاريع الصغيرة للإسهام بحقل الطاقة المتجددة هو دفع لكافة شرائح المستثمرين للإدلاء بدلوهم في هذا المجال ما يشكل بدوره بيئة خصبة للتطوير والتحديث. يذكر أن قيم الاستثمارات ستصل إلى 30 – 50 مليار دولار سنة 2023.
نظرة بعيدة المدى
الواقع الحالي في المملكة العربية السعودية يقول أن الطلب على الطاقة الكهربائية سيتعدى 120 جيجا واط مع حلول سنة 2032 وهو رقم يعادل 8.3 مليون برميل نفط يومياً ما لم يتم استخدام مصادر أخرى للطاقة، وبعد تقييم المصادر المحتملة للطاقة من قبل مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والتي تأسست عام 2010، تم التوصل لما يلي: يمكن للملكة الاعتماد على مزيج من مصادر الطاقة مع حلول عام 2032، وهذا المزيج سيتألف من المكونات التالية:
60 جيجا واط هيدروكربونات "نفط وغاز ومشتقاتهما".
6 جيجا واط من الطاقة الذرية.
41 جيجا واط من الطاقة الشمسية ، 16 منها من الخلايا الكهرو ضوئية و25 من الطاقة الشمسية المركزة.
9 جيجا واط من طاقة الرياح
3 جيجا واط من الطاقة المحولة من النفايات
1 جيجا واط من طاقة حرارة الأرض
يتبين من الأرقام السابقة أن حصة الطاقات المتجددة من إجمالي سوق الطاقة في المملكة ستبلغ حوالي 41% وهو رقم لا يستهان به، وتحقيقه من قبل دولة نفطية بحجم المملكة العربية السعودية قد يكون مؤشراً مهماً لصعود نجم الطاقات المتجددة في سوق الطاقة العالمي.
لم تعد الطاقات المتجددة حكراً على الدول التي عدمت مصادر أخرى للطاقة، والتي تتركز في الآبار النفطية والمفاعلات النووية، فاليوم بدأ الذهب الأسود يفقد بريقه لصالح لاعبين آخرين هم الشمس والرياح وحرارة الأرض، وتجربة المملكة العربية السعودية بهذا المجال هي تجربة مهمة لأنها تعتمد برنامجاً طويل المدى يتضمن عدة مشاريع ستبدأ نتائجها بالظهور في القريب العاجل. وقد يذكر التاريخ تلك اللحظة التي بدأت تشهد توجه السعودية صوب مصادر للطاقة غير نفطية وغير ذرية.
اقرأ أيضا:
أوروبا تستثمر في الطاقة المتجددة وتنتج 24.5 غيغاواط في 2016
الطاقة الأمريكية: الطاقة الشمسية أنتجت 374 ألف فرصة عمل عام 2016
رسمياً.. الطاقة الشمسية هي الأرخص بين الأشكال الجديدة للكهرباء