خسائر الروس بعد عام من غزوهم لأوكرانيا
دافع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قراره بغزو أوكرانيا ووعد بتحقيق أهدافه الحربية في البلاد “خطوة بخطوة”.
لكن الأرقام بعد عام من الحرب، التي بدأها بوتين في 24 فبراير 2022، تكشف أن بوتين خسر على عدة أصعدة، ولم يحقق أهدافه الحربية أو السياسية أو الاقتصادية، وأن المستنقع الأوكراني أصبح حفرة عميقة لا يستطيع الروس الخروج منها لا منتصرين ولا منهزمين، فهم مستمرون في استنزاف أنفسهم والأوكرانيين دون هدف واضح.
تزايد السخط الشعبي
رغم أن بوتين يتمتع “بالسيطرة الكاملة على وسائل الإعلام”، على حد قوله، ويمكنه أن يحول أي شيء يريده إلى نصر.
إلا أن هناك علامات على تزايد السخط داخل روسيا، فقد أجرى مركز ليفادا، وهو مستطلع روسي غير حكومي للرأي، استطلاعًا للرأي في تشرين الثاني (نوفمبر). وأظهر زيادة طفيفة في الدعم للعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، ولكن في الوقت نفسه قال غالبية من شملهم الاستطلاع (53٪) أن الوقت قد حان لبدء المفاوضات.
عام الدمار
الذكرى السنوية الأولى للغزو قاتمة ومزعجة، فهي تمثل عامًا كاملًا من القتل والدمار والخسارة والألم الذي يشعر به حتى داخل وخارج حدود روسيا وأوكرانيا.
يصعب تلخيص بؤس 365 يومًا من إراقة الدماء والحجم الكامل للتداعيات العالمية بمجرد الكلمات، لكننا نستطيع أن نقول أن روسيا أصبحت أكثر عزلة من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة.
خسائر الأرواح
الأرقام مذهلة، فهناك مئات الآلاف من الرجال الروس يفرون إلى الخارج لتجنب الزج بهم في المعركة، وملايين الأوكرانيين اقتلعوا من ديارهم، وعشرات المليارات من الدولارات التي تنفق على الأسلحة التي تجعل الحرب أكثر فتكًا من أي وقت مضى، وتريليونات الدولارات التي خسرها للاقتصاد العالمي.
تعداد الجثث – بالتأكيد أهم حصيلة، ولكن تم إخفائها من كلا الجانبين، وكل ما يمكن قوله على وجه اليقين هو أنه أمر مروع.
تفاوت تقديرات خسائر الروس البشرية، فالمخابرات البريطانية تقول إنهم ما بين 170-200 ألف قتيل وجريح، ويقدرهم حلف الناتو بما بين 150-200 قتيل وجريح، وتعتقد الولايات المتحدة أن حصيلة الخسائر البشرية للروس تجاوزت 188 ألفًا في فبراير الجاري، منهم على الأقل 100 ألف قتيل.
تكلفة اقتصادية مهولة
بعد أول 10 أيام من الحررب، قدمت دراسة أجراها مركز التعافي الاقتصادي وشركة الاستشارات Civitta وEasyBusiness تقييماً سريعاً لتكاليف الحرب على الاقتصاد الروسي، ووجدت أنه – حتى وفقاً للتقديرات الأكثر تحفظاً – فإنها تكلف عشرات المليارات يومياً، وفقاً لما ذكره موقع “Consultancy”.
وقدّرت الخسائر المباشرة من الحرب وحدها – بما في ذلك المعدات العسكرية التي تم تدميرها، وسقوط ضحايا بين الأفراد، فقد كلفت روسيا في الأيام الخمسة الأولى حوالي 7 مليارات دولار. كما من المتوقع أن تشكل الخسائر في الأرواح البشرية وحدها 2.7 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي المفقود خلال السنوات القادمة.
وعلاوة على ذلك، فإن حجم التعبئة – بما في ذلك اللوجستيات والأفراد والذخيرة والوقود وإطلاق الصواريخ وما إلى ذلك – سيكلف المزيد من الأموال كل يوم.
ونتيجة لذلك، وفقاً للباحثين، من المرجح أن تتجاوز التكلفة اليومية للحرب بالنسبة لروسيا 20 مليار دولار مع تزايد الغزو.
وفي مايو، ذكرت مجلة نيوزويك الأمريكية، أن الحرب في أوكرانيا تكلف روسيا ما يقرب من 900 مليون دولار يوميًا، باستثناء الخسائر الناجمة عن العقوبات الاقتصادية، لافتة أن “روسيا رغم هذه التكلفة، لم تحقق نجاحًا عسكريًا كبيرًا حتى هذه اللحظة”.
كما خسرت روسيا أكثر من 59 مليار دولار مع فرض العقوبات، ومغادرة الشركات الغربية العاملة في روسيا، حيث قامت ما يقرب من ألف شركة غربية بمغادرة البلاد أو تقليص أعمالها، ولولا أن روسيا لجأت لتأمين بعض الشركات لتستفيد من مصانعها في الحرب والاقتصاد المحلي، لكانت الخسائر أكثر من ذلك بكثير.
وصادرت أوروبا أصولًا روسية تتجاوز قيمتها 30 مليار دولار، كما أغلق الاتحاد الأوروبي الموانيء أمام السفن الروسية وحظر مشغلي النقل البري الروسي والبيلاروسي من المنطقة، وهو ما تسبب في خسائر مليارية لروسيا، لم تقدر إجمالاً بعد.
وقالت هيئة الإحصاء الاتحادية الروسية في 20 فبراير 2023 إن الاقتصاد الروسي انكمش 2.1% العام الماضي مقارنة بتسجيل نمو 5.6 على أساس سنوي في عام 2021.
وأشارت الهيئة إلى أن الانكماش جاء متأثرا بتداعيات قرار موسكو إرسال عشرات الآلاف من الجنود إلى أوكرانيا في فبراير شباط 2022.
خسائر رجال الأعمال
فقد المليارديرات الروس أكثر من 126 مليار دولار من الثروة بمجرد قيام روسيا بغزو أوكرانيا، حيث تم القضاء على ما يقدر بنحو 71 مليار دولار بسبب إغلاق مؤشر Moex الروسي منخفضًا بنسبة 33 ٪ وهبط الروبل إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار مع بدايات الحرب، كما صادرت الدول الأوروبية العديد من الأصول لرجال الأعمال الروس في أوروبا والتي قدرت بعدة مليارات.
ووضعت فوربس قائمة بعد أقل من أسبوع من الحرب، للخاسرين الكبار في روسيا، تضمنت ليونيد ميخلسون، المساهم الرئيسي في شركة نوفاتيك لإنتاج الغاز، والذي خسر 4.5 مليار دولار، وفاجيت اليكبيروف، رئيس مجلس إدارة أكبر شركة نفط روسية مستقلة، لوك أويل، خسر 4.2 مليار دولار.
كما خسر أليكسي مورداشوف، مساهم رئيسي في شركة الصلب Severstal، 4.2 مليار دولار وكذلك جينادي تيمشينكو، الذي خسر 4.2 مليار دولار، وخسر فلاديمير ليسين، رئيس مجلس إدارة مجموعة NLMK للصلب، 4.1 مليار دولار.
وخسر سليمان كريموف، المستثمر في أكبر منتج للذهب في روسيا، بوليوس، 3.2 مليار دولار، وخسر فلاديمير بوتانين، المستثمر في شركة التعدين العملاقة نوريلسك نيكل، 3 مليارات دولار، وكذلك خسر أوليج تينكوف، 2 مليار دولار، وميخائيل شيلكوف، المستمر في VSMPO-AVISMA، أكبر منتج للتيتانيوم في العالم، 1.7 مليار دولار، وكذلك خسر ليونيد فيدون 1.4 مليار دولار.
أما رومان ابراموفيتش، أحد أباطرة النفط والألومنيوم والصلب في روسيا، فقد خسر 1.2 مليار دولار مع بدايات الحرب، قبل تأمين أصوله في أوروبا، وقبل أن يجبر على بيع نادي تشيلسي لكرة القدم.
خسائر رياضية
أسقطت العديد من البطولات والمنظمات الرياضية الدولية الرياضيين الروس من المنافسة منذ غزو أوكرانيا، وقد أثر ذلك على رياضات متنوعة مثل التنس وكرة القدم وهوكي الجليد وسباق السيارات والمضمار والميدان.
جرد الاتحاد الدولي لهوكي الجليد روسيا، من حقوق استضافة بطولة العالم 2023، وذلك بعد أن حظر الاتحاد المنتخبات الروسية والبيلاروسية من المشاركة في البطولات، وقال إنه لن تقام بطولة العالم للناشئين في روسيا.
واتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم، ونظيره الأوروبي، بعضًا من أكثر الإجراءات حسماً في تاريخهم من خلال طرد جميع الأندية والمنتخبات الروسية من المنافسة الدولية.
أثر حظر الأندية الروسية في المسابقة الأوروبية على غرار فريق سبارتاك موسكو، الذي كان قد وصل إلى دور الـ16 من الدوري الأوروبي، لكن تم استبعاده وسمح لمنافسه في تلك الجولة، RB Leipzig الألماني، بالتقدم إلى ربع النهائي.
كما منع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، مدينة سان بطرسبرج من استضافة نهائي دوري أبطال أوروبا العام الماضي، ولعبت المباراة في فرنسا بدلاً من ذلك، ما تسبب في خسائر بملايين الدولارات على روسيا، وأعلن الاتحاد أنه أنهى اتفاقية رعاية لكرة القدم الأوروبية مع شركة غازبروم بـ50 مليون دولار سنويًا.
ومنع الاتحاد الدولي للتزلج، الرياضيين الروس والبيلاروسيين من المنافسة، رغم أن المتزلجين الروس هم أبطال العالم في ثلاثة تخصصات وفازوا بالعديد من الميداليات، وقد انهارت اللاعبة الروسية كاميلا فالييفا عندما علمت باستبعادها من البطولات، ولم تتمكن آنا شيرباكوفا بطلة الألعاب الأولمبية من الحفاظ على لقبها العالمي 2021، ونتيجة لذلك فازت الولايات المتحدة بخمس ميداليات واليابان بأربع.
وألغت الفورمولا 1 سباق الجائزة الكبرى الروسي، وسمحت للروس بالتنافس باسم محايد دون تمثيل بلادهم، وكذلك فعل الاتحاد الدولي للتنس.
وأعلن منظمي اللجنة البارالمبية الدولية منع الرياضيين الروس والبيلاروسيين بالمشاركة في المسابقة، بعد أن أوصت اللجنة الأولمبية الدولية بمنع الرياضيين من روسيا وبيلاروسيا من الأحداث الرياضية.
ومنعت الهيئة الحاكمة العالمية لسباقات المضمار والميدان الرياضيين والمسؤولين من روسيا وبيلاروسيا من الأحداث “في المستقبل المنظور”.
ومنع الاتحاد الدولي لألعاب القوى، والاتحاد الدولي للدراجات، والاتحاد الدولي للرجبي، والاتحاد الدولي لرفع الأثقال، حظر الفرق من روسيا وبيلاروسيا من المنافسة الدولية.