قصص مؤلمة ترويها نساء بوكو حرام الهاربات من الجحيم

  • تم اختطاف آلاف النساء والفتيات وإجبارهن على العبودية من قبل بوكو حرام
  • قالت عائشة إنها أُجبرت على الزواج من أحد مقاتلي بوكو حرام الذي ضربها مرارًا
  • ذكرت شهادات ووثائق شهود، أن الجيش يدير برنامج إجهاض سري

قامت وكالة رويترز بتحقيق استقصائي، كشفت فيه عن الحياة التي تعيشها النساء في نيجيريا، حيث حولتها جماعة بوكو حرام الإرهابية إلى جحيم على الأرض.

ويتابع التحقيق قصص عدد من السيدات في الحرب التي دامت 13 عامًا، فمنهم من تم اختطافهن واستعبادهن من قبل الجماعة، ومنهن أيضًا من أجبرها الجنود على الإجهاض، ومنهن من قُتلت أطفالهن.

عائشة من ضحايا جماعةبوكو حرام الإرهابية تحدثت خلال حديث مع وكالة رويترز ووصفت كيف تحولت حياة النساء لساحة معركة في الحرب الطويلة.

وبدأت قصة عائشة في أمسية في صيف 2014، في قريتها النيجيرية بالقرب من حدود الكاميرون، كان حينها موسم الحصاد وذهب والدها لحقله، وكانت هي ووالدتها وشقيقاها وأختها الصغرى في المنزل.

في ذلك المساء، خرجت والدتهما للطهي، واندلع إطلاق النيران واستمر لساعات، وأصابت طلقة طائشة صدر الأم، ورغم أن عائشة البالغة من العمر 18 عامًا، وشقيقتها البالغة من العمر 14 عامًا بذلتا جهودًا مضنية لتضميد الجرح إلا أن والدتهما فارقت الحياة.

قالت عائشة، البالغة من العمر الآن 26 عامًا: كانت تلك الليلة بمثابة نهاية لطفولة آمنة في أسرة محبة، وبداية دخول الجحيم، فالحرب التي استمرت أكثر من عقد، يدور جزء منها على أجساد النساء والأطفال. تم اختطاف آلاف النساء والفتيات وإجبارهن على العبودية من قبل بوكو حرام.

عائشة : أُجبرت على الزواج من أحد مقاتلي بوكو حرام عذبني وكنت أدعي عليه أن يُقتل

 

قتل الأطفال عمدًا

وذكرت شهادات ووثائق شهود، أن الجيش يدير برنامج إجهاض سري، لينهي حالات حمل آلاف النساء والفتيات المحررات من أسر الجماعة، وكما ذكرت وكالة رويترز فإن الجيش النيجيري نفسه  قتل عمداً أطفالاً في الحرب، بافتراض أنهم كانوا أو سيصبحون إرهابيين.

وفي الوقت نفسه، نفى الجيش هذه التقارير، قائلا إنها جهد أجنبي لتقويض قتال البلاد ضد المسلحين.

وقالت عائشة إنها أُجبرت على الزواج من أحد مقاتلي بوكو حرام الذي ضربها مرارًا وتكرارًا وكلما ذهب إلى الحرب كانت تدعي أن يُقتل هناك.

بوكو حرام

 

 

وتضيف عائشة”لم يكن هناك فرح يمكن العثور عليه معه. لأنه كان غاضبًا ، وغاضبًا دائمًا ، وكان يضربني دائمًا ، وأحيانًا يضربني بالسوط. حسب قوله ، كنت عنيدة. كان يضربني في كثير من الأحيان. مثلا عندما طلب مني الخروج ، أتعرض للضرب إذا قلت لا ..

أو إذا كذبت وأخبرته أن لديّ الدورة الشهرية . كان يقول أنه حتى مع هذه الفترة سيكون لي طريقة خاصة. وكان يضربني”

وتشمل محنة عائشة بعض المصاعب الشديدة التي سببتها الحرب للمدنيين: استعباد بوكو حرام، والإجهاض القسري من قبل الجيش، وفقدان طفل في قصف عسكري، وموت والدتها وشقيقها، كما تم بتر أحد أطرافها.

عائشة : أُجبرت على الزواج من أحد مقاتلي بوكو حرام عذبني وكنت أدعي عليه أن يُقتل

تجارب مؤلمة

وروت عشرات النساء في شمال شرق نيجيريا لرويترز عن تجارب مؤلمة مماثلة خلال الصراع المستمر الذي أودى بحياة أكثر من 300 ألف شخص بينهم مدنيون قتلوا بسبب العنف والجوع والمرض، ومثل عائشة، قالوا إنهم لم يختاروا أي طرف في الحرب لكنهم كانوا مستهدفين من قبل الطرفين.

وقال اللواء كريستوفر موسى، الذي يقود قوات مكافحة التمرد النيجيرية إن قصة عائشة كما وصفتها له رويترز لا يمكن أن تحدث، مضيفًا أن الجيش النيجيري ليس لديه أي سبب للقيام بذلك.

وعلقت الوكالة قائلة: تحدثت عائشة لرويترز بشرط عدم ذكر اسمها؛ خوفًا على سلامتها، كما لم يتم ذكر اسم قريتها لحماية هويتها، لكن شقيقتها أكدت قصتها، وكذلك صديقتها التي كانت أسيرة معها، كما كان جارها شاهد عيان على بعض الأحداث.

وروت عائشة تجربتها في المقابلات على مدار أكثر من عام، وغالبًا ما كانت تتحدث بنبرة رتيبة مخدرة ثم تنهار.

بوكو حرام

جندي من الجيش النيجيري يتحدث مع رهائن من النساء والأطفال الذين تم تحريرهم من بوكو حرام ، في يولا ، في 29 أبريل / نيسان 2015 رويترز

التخطيط للهروب

تذكرت عائشة أيام طفولتها، قائلة إنهم كانوا يمتلكون كل ما يريدونه، وعلى عكس آباء القرية، كان يؤمن والدها بأهمية تعليم الفتيات، لذلك بنت طموحًا أن تصبح طبيبة، لكن بمجرد دخول الجماعة الإرهابية هدموا المدارس، وأجبروا الفتيان على الدخول إليهم، ففر من فر ونجا منهم من نجا وقُتل من قُتل، وعلى ذلك لم يبق من أشقائها الذكور أحد في المنزل، ولم يكن هناك سوى هي وشقيقتها ووالدها السبعيني الذي سرعان ما فارق الحياة.

وكفتاتين وحيدتين، بدأ الجنود في مضايقتها، لذلك خططا للهروب لأي بلدة قريبة لا يسيطر عليها المتمردون، لكنهم للأسف اصطدموا بهم في النهاية.

قام الجنود بتفريق الأختين، وأخذوا عائشة في غابة ضخمة بالقرب من حدود الكاميرون والتي كانت بمثابة معقل لجماعة بوكو حرام، ثم اصطفت عائشة جنبًا إلى جنب مع نساء أخريات ليختارها المتشددون كزوجات، وأشار رجل اسمه موسى إلى عائشة.

قالت: فجأة أصبح لدي زوج، حاولت المقاومة لكنه هددني بالقتل، ثم فجأة أصبحت حبلى ومرضت، لكن عند وصول ابني، لم يسعني سوى أن أحبه، كنت أتوق للهروب من الوحشية والجوع والخوف لكن الهروب مع طفل أمر مختلف تمامًا، وبجانب ذلك، كنت أعلم أنه خارج مجتمع بوكو حرام، سيتم وصمه بالعار.

وتابعت أنها استسلمت لمصيرها، حتى حملت مرة أخرى، هذه المرة جاءت فاطمة، وبمجرد وصولها، زادتها إصرارًا على ضرورة الهروب.

في النهاية، قرر الجيش النيجيري مصير بانا، حيث شن غارة جوية على المخيم، وفجروا الكوخ الذي كان ينام فيه الصبي، صرخ مرتين ثم مات، كما أصاب الانفجار عائشة، وحرقها بشدة، وترك أحد أذرعها شبه عديم الفائدة.

واستغرقت عائشة شهورًا حتى تتعافى، لكنها عزمت على إنقاذ فاطمة من مستقبل من الجوع والاغتصاب تحت حكم المسلحين، وفي عام 2019، ربطت الرضيعة حول ظهرها وتسللت وسارت في البرية لمدة أربعة أيام، وفي اليوم الخامس وجدت مجموعة من الجنود النيجيريين، وبعد طول انتظار، اعتقدت أنها وابنتها في أمان.

عائشة : أُجبرت على الزواج من أحد مقاتلي بوكو حرام عذبني وكنت أدعي عليه أن يُقتل

إجهاض وتسمم

وقالت إن القوات أخذت النساء والأطفال إلى معسكر قريب في بلدة ماداغالي، وهناك خضعن للاستجواب والفحوصات الطبية، وحقنّ بمواد لا تعرفها، وفجأة أُصيبت بنزيف حاد، وعلمت بعد فوات الأوان أنها كانت حبلى وتم اخضاعها للإجهاض.

لم تواجه أحدًا بما عرفته، واهتمت بفاطمة، لكن الجنود أخبروها أن الفتاة مريضة وتحتاج إلى بعض الأدوية، ثم بعد ساعات أخذ الجنود عائشة وابنتها وأرجعوهما لقريتها، وبعد ساعات أخرى بدأت ابنتها في التصرف بشكل غريب، رفضت الرضاعة، وأُصيبت بالحمى، وقبل الفجر توفيت في نفس الغرفة حيث شاهدت عائشة والدتها تنزف قبل سنوات، وتعتقد أن الجنود قد سمموها.

عائشة : أُجبرت على الزواج من أحد مقاتلي بوكو حرام عذبني وكنت أدعي عليه أن يُقتل

مع رحيل فاطمة، كانت عائشة وحدها، شقت طريقها إلى مخيم للنازحين، وتعرفت بصديقة جديدة، فيليرين، التي كانت تعيش قصة مماثلة تمامًا، وهناك وجدت أيضًا شقيقتها.

كانت هذه اللحظة من لقاء الشقيقتين بمثابة لحظة فرح ونقطة مضيئة نادرة في الحياة، واستندت كلتاهما على الأخرى، وذهبتا إلى القرية مجددًا، وحاليًا يبيعا الفول السوداني، ويكسبن بالكاد ما يكفي للعيش.

وقالت: نصلي لرؤية الأشياء تتغير، لكي يصبح العالم أفضل مرة أخرى.