هذه المرة بفعل “صفر كوفيد” .. طغيان الحزب الشيوعي الصيني يتواصل ضد الإيغور
مع نهاية يوم الخميس ٢٤ نوفمبر، ازدحمت منصات التواصل الاجتماعي بفيديوهات من (أورومتشي) عاصمة إقليم شينجيانغ في أقصى شرق الصين حيث يسكن الإيغور المسلمون الذين يجمعهم بالحزب الشيوعي الحاكم في الصين تاريخ دامٍ ومضطرب.
لم تنجُ النساء والأطفال في ذلك المكان. ولم يمض وقت طويل قبل أن يدرك الشاب محمد علي أن والدته وأختيه وأخويه قُتلوا في الحريق.
محمد علي، الذي فرّ مع شقيقته شرافة إلى تركيا قبل خمسة أعوام، يقول إن البرج قريب من دائرة الإطفاء ومن ثكنة عسكرية مجهزة بكل ما يلزم لإنقاذ العالقين في الطوابق العليا من البرج. إلا أنهم استغرقوا خمس ساعات لإخماد النار بسبب إجراءات سياسة (صفر كوفيد) التي ينتهجها الحزب الحاكم في بكين. في تلك الأثناء، كان المنكوبون اختنقوا بالدخان أو تفحموا باللهيب.
حرائق شديدة التهبت معظم شقق البرج الذي يسكنها مسلمو الأويغور في العاصمة #أورومتشي لم تكشف السلطات الصينية أسباب، ولم يتدخل فيها فريق الإطفاء إلا بعد أن أحرقت الكثيرة من الشقق ومن فيها.
حسب المعلومات الواردة، مات عشرات الأشخاص في الحادثة#أورومتشي_تحترق#الصين_تبيد_مسلمي_الأويغور pic.twitter.com/rZjcoM6egX— Muhammed Emin Uyguri (@M_Emin_Uyguri) November 25, 2022
The fire in Urumqi, Xinjiang, the last screams of the residents who were burned to death, other residents could only stand by the window to watch, because everyone was locked at home.#TheGreatTranslationMovement pic.twitter.com/Fr1gyrpPsa
— The Great Translation Movement 大翻译运动 (@TGTM_Official) November 25, 2022
صفر كوفيد
بعد ثلاثة أعوام على تفشي وباء كوفيد، لا يزال الحزب الحاكم في الصين بزعامة (شي جين بينغ) يطبق سياسة (صفر كوفيد) بفرض الإغلاقات طويلة الأمد بهدف الحفاظ على عدد الإصابات بالفيروس في حدها الأدنى. فرضت آخر موجة إغلاقات في سبتمبر الماضي؛ أي أن من الصينيين من مضى عليه محبوساً في منزله ١٠٠ يوم متواصلة.
بموجب هذه السياسة، تُغلق الأبواب من الخارج في المناطق التي تُصنف ”خطرة“ أو الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس. فحتى لو حاول أحد من ساكني البيت الهروب، لن يستطيعوا تكسير الأقفال.
ما حدث في برج (أورومتشي) هو أن سكان الطوابق المنكوبة لم يستطيعوا النجاة بأنفسهم. فالأبواب كانت موصدة من الخارج. كما أن الجهات المعنية من إطفاء وإسعاف تأخر في التصرف لإهمال واضح ولأنهم ينتظرون الأوامر للتحرك بموجب سياسة الصفر كوفيد هذه.
الغريب هو أن الحزب الحاكم لا يمارس الحماس ذاته في إلزام المواطنين باللقاحات المضادة لفيروس كوفيد ١٩؛ بل إن دور الحكومة في هذه المسألة لا يكاد يُذكر.
Families in a hi-rise in China were locked into their apartments as their building caught fire. Urumqi, in Xinjiang Province
They burned alive as they couldn't escape and no one could get to them in time
This is directly on the CCP and Xi's Zero-Covid lockdown strategy pic.twitter.com/AWQ4oJA7Qg
— Jack Poso 🇺🇸 (@JackPosobiec) November 28, 2022
كالنار في الهشيم
اندلعت احتجاجات في (أورومتشي) تطالب السلطات بتخفيف الإجراءات المفروضة عليهم بحجة ضبط انتشار فيروس كوفيد ١٩. لكن اللافت هو أن الاحتجاجات سرعان ما انتشرت إلى مدن رئيسية كبرى في الصين: أوقدت الشموع ونُثرت الزهور على أرواح من قضى من الإيغور، ورُفعت لوحات بيضاء بلا كلمات. في مناطق أخرى، اشتبك المحتجون مع رجال الشرطة والأمن وهم يرددون شعارات تطالب بإسقاط الحزب الحاكم وزعيمه (شي جين بيغ). هذه أيام نادرة تُذكر بثورة (تيانانمين) في ١٩٨٩.
عالم اللغة الإيغوري، عبدالوالي أيوب، وصف ما يحدث بأنه ”نار“ سوف ”تخفف من سطوة النظام (الصيني) الفاشي؛ حتى لو لن تحرقه أو تحوله إلى رماد.“
أكثر الاحتجاجات أهمية كانت في مدينة شنغهاي، العاصمة التجارية في الصين وأكبرها سكاناً، فبدأت من طريق شهير اسمه (ولوموتشي) وهو الاسم الصيني لـ(أورومتشي). يقول محمد أمين، منسق العلاقات العامة للاتحاد العالمي لمنظمات تركستان الشرقية، إن ما حدث يناقض الرواية الصينية التي ما انفكت ”تزرع“ في عقول الصينيين أن الإيغور إرهابيين.
Candlelight vigil for victims of the Urumchi fire in London tonight, it is so encouraging to see so many young people joined the protest calling for freedom & democracy -"down with the party, down with Xi Jinping, Free China."#UrumqiFire #FreeUyghurs pic.twitter.com/0jDfckGdY2
— Rahima Mahmut (@MahmutRahima) November 27, 2022
العلاقة بين الإيغور وهم عرقية تركية مسلمة والدولة الصينية علاقة مبنية على عدم الثقة. فالحزب الحاكم ينظر إليهم على أنهم انفصاليون، والإيغور يعتبون على الدولة الصينية تعاملها معهم كمواطنين من الدرجة الثانية.
قمر النساء
محمد علي وأخته شرافة لم يريا والدتهما، قمر النساء عبدالرحمن، منذ خمسة أعوام عندما فرّا من الصين إلى تركيا. كان ذلك بعد عام من اعتقال والدهما وإرساله إلى معسكرات الاعتقال التي تقول عنها الحكومة الصينية إنها ”معسكرات تأهيل“ أو ”إعادة التعليم“ ولكنها في الحقيقة سجون ضخمة فيها برامج مصممة لكسر إرادة الإنسان الحر. يُعتقد أن ثمة مليون إيغوري مسجون في هذه المعسكرات.
Under China`s ZERO-COVID crackdown, these beautiful, kind-hearted people, cute kids were burned ALIVE in Urumchi on Nov 25. Doors were welded outside, and there was no place to escape. Rest In Peace! Uyghurs will REMEMBER you! We`ll come back as STORMS someday. pic.twitter.com/qEomKeCiJO
— UyghurInfo (@UyghurInfo) November 27, 2022
يذكر محمد علي أن والدته كانت دائماً طيبة المعشر. يقول: ”كانت تحب الناس وتحسن معاملتهم سواء كانوا جيراناً أو أقرباء.“ طوال الأعوام الخمسة الماضية، كانت قمر النساء ترعى أطفالها: بنتين وثلاثة أولاد. يقول محمد إن له أخاً يكبره سناً لكنه لا يعرف عنه شيئاً. ”لا أدري إن كان يعمل أو معتقل.“
حرصت قمر النساء على تعليم أولادها ولهذا أرسلت محمد وشرافة إلى تركيا. يقول محمد: ”آخر ما قالته لي أن أحرص على دراستي وعلى هويتي وأن أعود (إلى شينجيانغ) وقد نجحت.“
قضت قمر النساء مع ابنتيها شهيدة ونهدية وولديها عمران وعبدالرحمن.