عباس إبراهيم لـ”أخبار الآن”: السودانيون يعملون على تجريد طرفي الصراع من الشرعية الشعبية

في ظل استمرار الاشتباكات في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع يحدثنا رئيس تحرير صحيفة “الجماهير” السودانية عباس محمد إبراهيم عن وضع العمل الصحفي على الأرض في ظل سيطرة كل طرف على وسائل الإعلام الرسمية ومحاولته بث دعايته الحربية الخاصة، كما يكشف لنا المصادر التي يستمد منها السودانيون معلوماتهم وكيف ينظرون إلى الخطاب الإعلامي الموجه من قبل طرفي الصراع، فضلاً عن التهديدات التي تواجه الصحفيين في السودان.

السؤال الأول: من خلال متابعة وسائل التواصل الاجتماعي يبدو أن السودانيين لايصطفون إلى جانب أي من الطرفين وهذا بدا واضح من خلال هاشتاغ لا للحرب هل الحال مماثل في المشهد الإعلامي السوداني؟

“وحدة من عبقريات السودانيين أنهم، صنعوا ثورة عظيمة كان شعارها، حرية سلام وعدالة وأدواتها العمل السلمي، استطاعوا من خلاله إسقاط أعتى ديكتاتورية في أفريقيا  حكمت لثلاثين عاماً بنظام الحركة الإسلامية بين هلالين “الإخوان المسلمين في السودان”، الآن مع اندلاع الحرب يعمل السودانيون على تجريد القوتين المتقاتلتين من المشروعية الشعبية، فأي حرب تحتاج لتحشيد وخطاب وداعمين”.

“الجنرالات يقولون إن حربهم من أجل الديمقراطية والسودانيين يقولون لهم الديمقراطية لا تأتي بأفواه البنادق، تأتي من خلال طاولات الحوار وفتح المجال لحرية الإعلام والرأي والتعبير، وهو ما أيدوه سوياً في 25 أكتوبر واختلفوا عليه الآن”.

“الصحافة في السودان ضاربة وعريقة، لها أكثر من 100عام، ونقابة الصحفيين السودانيين جسم بيعبر عن كل الصحفيين في السودان، تم انتخابه قبل عام من الآن كأول جسم مؤسس منتخب بعد ثورة ديسمبر، هو واحد من الكيانات التي وقعت على عريضة كبيرة دعت لوقف الحرب واستعادة الديمقراطية، إذا فالمؤسسات الإعلامية والصحفيون هم ضد الحرب، ما عدا قلة منهم هي مصطفة كما في السابق خلف الجنرالات لأهداف معلومة”.

السؤال الثاني: من يسيطر الآن على مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي ومن يبث رسالته للشعب السوداني؟

“منذ اليوم الأول للحرب تسيطر قوات الدعم السريع على مباني الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، لكن الجيش استطاع أن يبث مواد تسجيلية ودعائية من خارج مباني الهيئة، كذلك الإذاعة التي تبث من الخرطوم يعبر خطابها عن دعم قوات الدعم السريع، لكن السودانيون هربوا من المؤسستين باتجاه الإذاعات والقنوات الفضائية الدولية للنجاة من الدعاية الحربية، فالسودانيون يبحثون عن المعلومة خارج المنظومة الإعلامية الرسمية وخصوصاً في السوشيال ميديا، ووكالات الأنباء والقنوات الأجنبيةوالعربية”.

السؤال الثالث: ماهو تقييمك للدعاية الحربية الخاصة بكل طرف ومن الأقدر على الوصول إلى الشعب السوداني؟

“الإعلام الحربي التابع للجيش يواجه مشكلة حقيقية ظهرت بشكل واضح وهي تضارب الأخبار، عمليات التحقق من المقاطع المصورة كشفت عن مقاطع مزيفة بشكل كبير، وعلى مستوى السوشيال ميديا كان هناك حسابات تتحدث عن تصوير لانتصارات ليست حقيقية حتى أن السودانيين بدأوا يبثوا طرائف على مستوى صفحاتهم في السوشيال ميديا حول هذا الموضوع”.

“في الحروب الضحية الأولى هي الحقيقة، لكن في حروب هذا الزمن ما يجعلك تكسب هو الحقيقة على عكس  الحروب في الزمن السابق حيث كانت عملية السيطرة على وسائل الإعلام مهمة لبث الدعاية الحربية الموجهة، لكن اليوم الوثائق مفتوحة، الفضاءات مفتوحة، ما يسبب مشكلة لأي دعاية حربية مضللة أو كاذبة”.

“يتم مهاجمتنا كصحفيين من قبل المصطفين إلى جانب كل طرف عندما نحاول كشف الحقيقية وتبيان الخطأ، لكن تعهدنا للصحافة وواجبنا تجاه المواطن أن نقدم المعلومة له في حرب الشوارع حيث المعلومة هي أهم قيمة في هذه الحرب فهي تمثل درع واقي للمواطن، فهو يبني تحركاته على المعلومات الحقيقية لكن المعلومات الكاذبة تكلفه كثيراً”.

السؤال الرابع: هل يتمتع الصحفيون في السودان اليوم بالحرية الكاملة للقيام بعملهم الميداني في ظل قطع الطرقات والحواجز العسكرية؟

“هذه الحرب تدور بلا أخلاق، كحماية الصحفيين والأطقم الطبية والإسعاف، والصحفيون في السودان غير آمنين، حتى أنه ظهرت في الأيام الاخيرة خطابات تحريضية تجاههم، حتى من قبل المسؤول الأول في في الجهاز الاعلامي للجيش.، حيث خرج بتغريدة كانت محبطة ومخيفة يعني طالب بطرد القنوات الفضائية في ظل أجواء الحرب والنزاع وقذائف الموت، ومهو ما يشكل خطراً حقيقياً على عمل الصحفيين، وهذه التلميحات رفضتها نقابة الصحفيين السودانيين”.

“زملاؤونا من مراسلي القنوات الاجنبية بقيوا محاصرين في مكاتبهم أكثر من 10 أيام وقاموا بخدمة جليلة من أسطح المباني لخدمة المراسلين اللذين تقطعت بهم السبل، كذلك رفضوا العودة إلى منازلهم من أجل توفير المعلومة للسودانيين وللعالم أجمع”

“السودان من الدول المصنفة الأسوأ  في حرية الصحافة والتعبير. رغم أنه الثورة الشعبية استطاعت انتزاع مساحات كبيرة لحرية التعبير والرأي. لكن تظل الانظمة العسكرية والحربية ترى الصحافة هي العدو الأول”

السؤال الخامس: هل هناك حالات معينة تعرض فيها الصحفيون للضرب أو الخطف أو أي مشاكل أخرى؟

“الأجهزة المعنية برصد هذه الانتهاكات مثل  منظمة “جهر” في نقابة الصحفيين السودانيين لم ترصد انتهاكات أو تهديدات مباشرة، لكن في الأيام الأولى حصل نوع من عمليات الاعتراض والتهديد، وتم الاعتداء على بعض الصحفيين لكن الجهات العسكرية سارعت واعتذرت عن هذه الاعتداءات واعتبرتها إنها فلتات لا تعبر عن المنظومة”

“أعتقد أن  حياة الصحفيين قد تكون عرضة للخطر في الأيام القادمة إذا ما استمرت الحرب والتهديدات التي أطلقها المسؤول الإعلامي للجيش حول طرد القنوات الأجنبية”.

السؤال السادس: هل هناك خوف من انقطاع تام للإنترنت وبالتالي تصعيد الطرفين على الأرض في ارتكاب الفظائع؟

“القوتان المشتبكتان الآن عندما كانتا على وفاق خلال أيام الكفاح السوداني من أجل الحرية والديمقراطية واستعادة المسار الانتقالي والثورة، لجأتا لقطع الإنترنت، الآن خارطة المعارك والسيطرة على المباني تبقي على خدمة الإنترنت، حيث إن إقدام أي طرف على فصل الإنترنت الآن يخدم الطرف الآخر، فالطرفان بحاجة إلى الانترنت، وهذا الأمر يحمي السودانيين، فحرب الجنرالات هذه ليست حربهم وهم ليسوا طرفاً فيها، ولا هي حرب القوات المسلحة أيضاً”.

“مؤشر الإنترنت في السودان هو أحد مؤشرات ميزان القوى، والطرفين غير قادرين على قطع الإنترنت كونهما يستفيدان منه”.