أبو عبيدة العنابي.. هل يحاكي أبو محمد الجولاني؟
في مقابلة متميزة، أجرى خبير الإرهاب في قناة “فرنسا 24“، وسيم نصر، حوارا مع زعيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أبو عبيدة يوسف العنابي (اسمه الحقيقي يزيد مبارك)، الذي أجاب في إصدار صوتي خاص على الأسئلة السبعة عشر المرسلة إليه.
من الجانب الصحفي، كانت المقابلة ممتازة، فقد وُجهت له أسئلة وثيقة الصلة بالموضوع وبطريقة احترافية لم تسمح له باستغلال هذا الحوار دعائيًا، وكان أداؤه خجولًا بشكل لافت، حيث لم يجب على كل أسئلة وسيم نصر المختارة بعناية، وهذا كان متوقعًا بالنظر إلى أنه لديه الكثير ليخفيه.
ما لم يجبه العنابي
من الملاحظ أنه لدى الاستفهام منه عن علاقته بحركة طالبان تحديدًا تجاهل التساؤل عن سبب توجيه “القاعدة في المغرب الإسلامي” التهنئة للشعب الأفغاني وليس لطالبان، إذ قال إنهم هنأوا الاثنين، لكن بالعودة إلى البيان فإن التهنئة توجهت للشعب الأفغاني والملا عمر، القائد السابق للحركة.
وكذلك عند سؤاله عن مقتل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة في كابول العام الماضي، تجاهل التعليق على هذه الواقعة تمامًا.
وعند الاستفهام منه عن دوره كقائد للتنظيم خلفًا لسلفه عبد المالك دروكدال، أبو مصعب عبد الودود، (قُتل في 2020) في لجنة حطين، اكتفى العنابي بالقول إنه جندي من جنود الإسلام ولم يعط إجابة واضحة، لكنه لم ينكر وجود هذه اللجنة ولا عضوية دروكدال بها.
الحوار المفترض
وبينما نهنئ زميلنا وسيم نصر على هذا السبق الصحفي، فقد تساءلنا أيضًا إذا أجرى معنا العنابي مقابلة، فما هي الأسئلة التي سنوجهها له في ذلك الحوار المفترض؟ وهل سيكون قادرًا على الإجابة على الأسئلة التي توجهها له “أخبار الآن”؟ أم أنه يخشى التعامل مع أسئلة مباشرة تخص وضعه الأيديولوجي واستراتيجياته الحالية؟
فمن الواضح أن هناك شبهات تعتمل في رأس زعيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وعلى الأرجح سوف يضطر إلى الكشف عنها في مرحلة ما، ولا يمكننا أبدًا الاهتداء إلى جواب شافي لاستفساراتنا ما لم يجب زعيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بنفسه على هذه الأسئلة.
فلنتوجه بشكل مباشر إلى العنابي بأسئلتنا في هذه الرسالة المفتوحة:
السؤال الأول:
يأتي أول تساؤل في هذا الصدد عن أزمة القيادة في تنظيم القاعدة المركزي؛ فبالنظر إلى عجز التنظيم عن إعلان خليفة لأميره أيمن الظواهري، وأن زعيم الأمر الواقع سيف العدل مصاب بما يُعرف بمتلازمة طهران، فلذلك سؤالنا الأول هو: من هو قائد تنظيم القاعدة الذي تعمل تحت إمرته اليوم؟ وهل في عنقك اليوم بيعة صالحة؟ وإذا كان الأمر كذلك فلمن توجهت بهذه البيعة؟
السؤال الثاني:
في السؤال الثاني نتطرق إلى الموقف الأيديولوجي، فبعد وفاة الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، الذي كان منتميًا إلى جماعة الإخوان المسلمين، كنتَ من بين حفنة من كبار السن الجهاديين الذين أظهروا تسوية أيديولوجية تجاه الإخوان، والمثير أن ذلك جاء بناءً على حجة أيديولوجية مهترئة للغاية مفادها أن مرسي كان مظلومًا ومغدورًا، أي أنك اخترت استخدام مفهوم التأويل للدفاع عن مرسي.
وبالنظر إلى الموقف الواضح لتنظيم القاعدة من جماعة الإخوان، فإن السؤال: لماذا أظهرت تسوية أيديولوجية في شأن محمد مرسي؟
السؤال الثالث:
ما هي ردود الأفعال داخل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على استخدامك هذا التأويل للدفاع عن مرسي؟ وكيف تدافع عن نفسك من الاتهامات بالنفاق؟
السؤال الرابع:
تقودنا التساؤلات السابقة إلى تساؤلات أخرى عن حدود استخدامك لتلك التأويلات وإلى أي مدى قد تصل بتلك الطريقة؟ وما الذي تنوي تبريره أيضًا باستخدام مثل تلك التأويلات؟
السؤال الخامس:
بعد أن كشفت “أنباء جاسم” أنك سعيت إلى التعاون مع إحدى دول حلف الناتو وهي تركيا، فما هو رد الفعل الذي تلقيته من داخل القاعدة بشأن هذه الفكرة التي خرجت عن الإطار الأيديولوجي للقاعدة وأسلوب عملها؟
وعطفًا على ذلك، يعن لنا أن نتساءل: من أين أتت هذه الفكرة؟ وهل حصلتَ على الموافقة على ذلك؟ وهل ما زلت تريد تنفيذ هذه الفكرة؟
السؤال السادس:
ما سبق يقودنا إلى تساؤل مستقل وهو: هل ما زلت تعتنق أيديولوجية القاعدة بعد كل هذا؟!
السؤال السابع:
بالعودة إلى موقفك من محمد مرسي فإن الملاحظ أنه كان مشابهًا جدًا لرد فعل الجهاديين الموالين لهيئة تحرير الشام في سوريا التي انشقت عن تنظيم القاعدة عام 2016 وتحولت إلى جماعة محلية مستقلة، فهل كان هذا التشابه في المواقف صدفة أم أنه مؤشر جلي على تشابه طريقة التفكير وبالتالي طريقة التصرف؟ أو بعبارة أخرى، ما مدى التشابه بين منهج قيادة القاعدة في المغرب الإسلامي ومنهج محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام؟
السؤال الثامن:
هل يمكننا الاستنتاج من ذلك أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يخطط أيضًا للتخلي عمليًا عن القاعدة؟ هل يمكننا التنبؤ بوقوع مواجهات بينك وبين وفلول الحرس القديم المتمسك بنهج القاعدة على غرار ما وقع مع الجولاني في سوريا؟
السؤال التاسع:
بعد اغتيال أيمن الظواهري، زعيم القاعدة، في يوليو 2022 عانى التنظيم من فراغ في القيادة، فما هو تأثير موت الظواهري على مستقبل القاعدة؟
السؤال العاشر:
كيف استفدت من حالة فراغ السلطة تلك بالنظر إلى أزمة القيادة الراهنة في القاعدة؟
السؤال الحادي عشر:
هل تعتقد أن الظرف الحالي يمنحك الفرصة لترك القاعدة والتحول إلى مجموعة محلية بعيدًا عن أيديولوجيا وممارسات القاعدة الفاشلة؟ أم تفضل عدم حسم هذه الأمور وإبقائها في المنطقة الرمادية الغامضة؟
وتتوجه إليك الزميلة نهاد الجريري الباحثة المتخصصة في شؤون الحركات الجهادية بتساؤلين مهمين أيضًا؛ وهما:
١- بالنظر إلى مرور التنظيم في الجزائر بأسوأ أحواله بسبب العمليات العسكرية للجيش الجزائري واعتقال عاصم أبو حيان، فكيف ينسجم ذلك مع كلامك في مقابلة وسيم نصر عندما تحدثت عن توافد الشباب للانضمام إلى التنظيم؟!
٢- من الملاحظ أن كل حديثك تقريبًا في المقابلة السابقة كان عن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تعمل في مالي وبوركينا فاسو؛ فهل هذا يعني أن التنظيم انتقل عملياً إلى خارج الأراضي الجزائرية؟
رسالة مفتوحة للعنابي
لدينا المزيد من الأسئلة ولكننا نتطلع إلى معرفة ما إذا كان العنابي لديه القدرة والجرأة الكافية للإجابة على هذه الأسئلة، ونتطلع إلى إجاباته عليها لبيان نواياه الحقيقية -ما لم يكن بالطبع لديه مخاوف من الرد على هذه التساؤلات-، لكن يبدو أن هناك شيء واحد مؤكد: وهو أن علامات الاستفهام حول العنابي لن تختفي قريبًا.