شهد يوم الجمعة، العاشر من مارس الحالي ٢٠٢٣، لحظة ربما تكون فارقة في المنطقة كلها حين أعلنت السعودية وإيران عن توصلهما إلى اتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما خلال مدة أقصاها شهران.

وفي أعقاب هذا الاتفاق الذي قد يكون الأهم منذ لحظة قطع العلاقات في عام ٢٠١٦ وبالرغم من ردود الفعل المتباينة بين مرحب بالاتفاق والمتخوف والمنتظر لما ستؤل إليه الأمور.. أجريت مقابلة مع السيد شين شيواي المحلل والصحفي الصيني لمعرفة التفاصيل حول تلك الاتفاقية.

إليكم تفاصيل المقابلة..

في البداية شكراً سيد (شان) على وقتك. أنت موجود في (بكين) وتتابع التطورات المتعلقة بالاتفاق السعودي الإيراني الذي تم برعاية صينية. فأخبرنا عن وجهة النظر الصينية وكيف نجحت الصين في إقناع الطرفين في عقد هذا الاتفاق؟

نعم، كنت أتابع الأحداث التاريخية بين المملكة العربية السعودية وإيران بشأن جهودهما الآيلة إلى إرساء علاقات دبلوماسية وقد شكل ذلك إنجازاً نوعاً ما للمنطقة خصوصاً في ظل وجود مشاكل إقليمية كثيرة لا بد من معالجتها لتحقيق تقارب دبلوماسي.

أما بالنسبة إلى وجهة النظر الصينية، فالصين هي شريك جيد لدول المنطقة على غرار المملكة العربية السعودية كما شهدنا في سبتمبر/ أيلول الماضي مع انعقاد قمة جمعت البلدين كما لديها أيضاً علاقات جيدة مع دول الخليج وتربطها كذلك شراكة قوية بإيران، لذلك للصين موقع جيد يخوّلها نقل الرسالة ولعب دور الوسيط بين الطرفين.

كما ترى الصين أيضاً أنها أصبحت شريكاً جيداً وتريد أن يتحقق السلام في المنطقة، لذلك تملك الصين موقعاً وهي محط ثقة أكبر لدول المنطقة لأنه على سبيل المثال قامت مؤخراً الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بفرض عقوبات على إيران.

صحفي صيني لـ"أخبار الآن": الاتفاق بين السعودية وإيران لم يتضح معالمه بعد

 

لذلك يرى الإيرانيون أنه يصعب على هذه الدول أن تكون في موقع يخولها القيام بهذه الوساطة. وبما أن الصين تتخذ موقفاً أكثر حياداً ولا تبغي أن تكون بديلاً أو أن تملك تأثيراً معيناً، جل ما تريده هو عقد شراكة مع دول المنطقة. لهذه الأسباب هذه المرة بمساعدة الصين، تمكن الطرفان من الجلوس وعقد المزيد من المفاوضات والإتفاق على إعادة تأسيس علاقات دبلوماسية بينهما وهذا هو الأساس كما قلت.

كما في سائر الاتفاقيات، ما يثير القلق هو التطبيق العملي لها، من وجهة نظر السعودية، الهاجس الرئيسي لديها هو هل سيتوقف الحوثيون عن استعمال أسلحة  وطائرات مسيرة إيرانية ضد المملكة.

هل تملك الصين ضمانات بأن إيران ستستعمل تأثيرها على الحوثيين ليتوقفوا عن ذلك؟

حتى الآن، لم نر أي تفاصيل نتجت عن التصريحات ولم نعرف نوع الاتفاق الذي تم التوصل إليه ولا شروطه ولا الضمانات المتعلقة به.

أعرف أن المملكة العربية السعودية تملك هواجس أمنية وإيران كذلك في إطار هذه العلاقة، لذلك أعتقد أنه في الأيام المقبلة وبحسب التصاريح  قد يكون هناك خريطة طريق وستحدث مفاوضات إضافية تتعلق بالتطبيق وبمعالجة كل هذه النقاط لانه حسب التصاريح، سيعاد فتح السفارة في غضون شهرين وستم التطرق إلى نقاط إضافية في الأيام المقبلة.

هل تكتفي الصين بهذا القدر من الوساطة أم ستواصل الصين دورها في المفاوضات المقبلة؟

في الحقيقة بناءً على التصاريح الصادرة عن الأطراف الثلاثة سنرى خريطة طريق وجدولاً زمنياً لتطبيق النقاط المثيرة للقلق.

أعتقد أن الصين ستسهم في هذا الجانب لجهة التطبيق مع دول المنطقة لا سيما المملكة العربية السعودية وإيران.

في الحقيقة من وجهة نظر الصين وخصوصاً الدبلوماسية الصينية، نحن شركاء ومستعدون لتقديم المساعدة والإستماع وبالتالي إن طلب أحد المساعدة من الصين ستصغي له وستكون مستعدة للبحث عن حل.

وإن أراد أحد محادثات مباشرة فستبذل الصين قصارى جهدها وإن برزت حاجة للتفاوض فالصين قادرة أيضاً على توفير أرضية من هذا النوع.

كما يمكننا أن نرى في المقاربة الدبلوماسية الصينية السابقة عندما كانت الصين قادرة على تقديم هذه المساعدة بالتعاون مع دول المنطقة لإحلال السلام فيها.

 

هل سيعالج هذا الإتفاق مشكلة مجموعات أخرى في المنطقة مثل الدعم الإيراني لحزب الله في لبنان؟

حتى الآن لم تصلنا أي تفاصيل محددة عن شروط الاتفاق والمواد الموجودة فيه. ما نعرفه من التصاريح حتى الآن هو أنه سيصار إلى إعادة فتح السفارات بين البلدين وسيكون هناك علاقات دبلوماسية ثم ستردنا تفاصيل عن عقد محادثات حول التطبيق.

بشكل عام، نحن نرى أن محادثات السلام المماثلة تجرى بالعادة في الولايات المتحدة الأمريكية أو بمساعدة دبلوماسيين أمريكيين ولكن هذه المرة كانت الصين بمفردها، فما مدى أهمية نجاح الصين وهل يمكننا أن نتوقع المزيد من الجانب الصيني في المستقبل؟

صحفي صيني لـ"أخبار الآن": الاتفاق بين السعودية وإيران لم يتضح معالمه بعد

 

رأينا في الحقيقة أن هذا الحدث التاريخي شكل إنجازاً لدول المنطقة خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالسلام لأن كلا الطرفين يجب أن يتطرقا إلى المخاوف الأمنية التي تعتريهما وذلك مع الصين نظراً للعلاقات الجيدة التي تربطها بكل الأطراف المعنية ونعلم بوجود هواجس أمنية وهم يثقون ببكين.

لذلك الصين قادرة على تقديم المساعدة ويمكن للشعب أن يشعر بالثقة لأنه اعتاد على هذه المقاربة لأنه كما تعلمين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ليس فقط في مقاربتها مع الجانب الإيراني قد فرضت الكثير من العقوبات على طهران ولكن أيضاً من وجهة نظر المملكة العربية السعودية، فإن عملية السلام في الشرق الأوسط باتت أضعف اليوم لأن الولايات المتحدة باتت تولي جوانب أخرى اهتماماً أكثر.

لذلك أعتبر أن الصين تحتل اليوم الموقع المناسب لتقديم المساعدة المطلوبة وأن الدول الإقليمية يمكنها أن تتوصل إلى اتفاقات تعاون بالتنسيق مع الصين.

أصدرت الحكومة اليمنية بياناً تقول فيه إنها تأمل بأن يتمكن هذا الاتفاق من وقف دور إيران التدميري في اليمن، فهل تعتقد أن الصين قادرة على لعب دور مستقبلي لوقف النزاع في اليمن؟

أعتقد أننا نرى اليوم أن المملكة العربية السعودية وإيران قد اتفقتا على إحلال المزيد من السلام في المنطقة بما أنهما ستعيدان إرساء العلاقات الدبلوماسية بينهما.

صحفي صيني لـ"أخبار الآن": الاتفاق بين السعودية وإيران لم يتضح معالمه بعد

وبشأن النزاع في اليمن، أعرف أن فئة كبيرة من الشعب قد علقت آمالاً كثيرة على هذه المقاربة السلمية لا سيما بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة الأمم المتحدة والصين وأطراف دولية أخرى قدمت مساعدات إنسانية لليمن.

كما زار دبلوماسيون صينيون اليمن لعقد محادثات مع السلطات المحلية لبحث طرق المساعدة الممكنة المتاحة أمام الصين.

وفي الأيام المقبلة ومن وجهة نظر البُعد الإنساني، الصين قادرة على تقديم المساعدة وتأمين مساعدات غذائية ومساعدات إغاثة إنسانية أخرى. وبالنسبة إلى السلام في المنطقة، أعتقد أن الصين ستصغي أكثر إلى دول المنطقة لا سيما السعودية وإيران حول كيفية تطبيق التقدم على خط السلام في اليمن.

وبرأيي في ظل وجود علاقات جيدة بين القوتين العظميين: المملكة العربية السعودية وإيران، سيتسلح الشعب بالمزيد من الأمل في هذه العملية السلمية.