طرد القاعدة خارج حضرموت
تطهير حضرموت من خطر القاعدة الإرهابي لا يزال الملف الأبرز في جنوب اليمن لتواجد التنظيم الإرهابي حتى الآن في الصحراء والوادي ولا يمكن الحديث عن مكافحة الإرهاب وتجاهل وكر تنظيم القاعدة الارهابي الرئيسي في شبه الجزيرة العربية الذي يقع في وادي المسيني غرب المكلا عاصمة محافظة حضرموت حيث تم طردهم منه عام 2018 بمعركة سميت الفيصل بدعم من التحالف الدولي وبعد تأمينه قررت الدخول اليه برفقة قوات النخبة الحضرمية لمعاينة الظروف التي سمحت للتنظيم الإرهابي بالتواجد في تلك البيئة الجغرافية الصعبة واتخاذها موقعا عملياتيا يجتمع فيه أمراء التنظيم الإرهابي ويرتبون مخططاتهم الارهابية لزعزعة استقرار المحافظات الجنوبية وتهديد العالم ولأتمكن من توثيق أهمية طردهم منه في تصفية هذا التنظيم وتدمير نقطة تواجد مركزية له حرمته من الانتشار وتنفيذ العمليات الإرهابية وتجنيد العناصر .
بدأت في الجزء الأول من هذا الفيلم أرصد تفاصيل المعركة مع النخبة الحضرمية بدخول النقطة العملياتية الأولى التي اتخذها التحالف مركزا للرصد والمتابعة وانطلاق المعركة ولرصد الكهوف التي استخدمها تنظيم القاعدة الإرهابي لسكن عناصره وتخزين السلاح والذخائر وتحضير المفخخات والعبوات الناسفة والألغام تلا ذلك دخولي عمق الوادي باستخدام سيارات الدفع الرباعي واستغرق الوصول 4 ساعات متواصلة دون توقف حيث لم تكن هناك طرق واضحة الى الوادي وهذا ما خلق صعوبات جسيمة في دخول العربات العادية فقد اعتمد التنظيم الإرهابي استراتيجية عدم فتح الطرق لمنع القوات الأمنية من الوصول إليه وكان يعتمد على علاقاته الخاصة للخروج والدخول من مناطق على حدود محافظة شبوة للتزود بالسلاح والذخيرة حسب ما روى لي أهالي المنطقة.
توقفت عند النقطة التي يتواجد فيها معقل ومزرعة باغزوان العمودي أحد أمراء القاعدة الارهابي ومؤسس معسكرات تنظيم القاعدة في وادي المسيني حيث أكد لي السكان المحليون محاولته فتح طرق للقاعدة في وادي المسيني بين عامي ١٩٨٥ – ١٩٩٠ باعتبارها نقطة التقاء استراتيجية بين الساحل والوادي في حضرموت وشبوة، وعرف باغزوان بنهبه للبنك المركزي في حضرموت واستخدام تلك الأموال لتمويل القاعدة حيث قتل مع أولاده في تلك النقطة خلال معركة الفيصل لتحرير وادي المسيني عام 2018 وأكدت النخبة الحضرمية أن منزله استخدم لجمع أمراء القاعدة وترتيب العمليات الإرهابية، تلا ذلك رصدي مزارع الوادي التي كانت تؤمن لباغزوان ومسلحي القاعدة الإرهابي حاجاته من الغذاء والماء وكان يعتبر معسكر القاعدة الإرهابي في وادي المسيني آخر دفاعات القاعدة فرع جزيرة العرب.
توجهت مع النخبة الحضرمية سيرا على الأقدام لمعاينة كهف الأمير كما يسمونه في وادي المسيني حيث كان يقيم أمير تنظيم القاعدة الارهابي قاسم الريمي الذي تمت تصفيته بغارة أميركية في فبراير 2020 وهو الكهف الأكبر في الوادي بمساحة تبلغ أكثر من 300 متر محصن بصخرات طبيعية ضخمة آمن للريمي وأمراء القاعدة الآخرين الحماية من الضربات الجوية وقصف المدفعية واستغرق الوصول إليه ساعتين سيرا، واحتوى الكهف على نقوش لشعاراتهم وأسماء من تواجد من الإرهابيين وقادتهم حيث قسمت مساحته الواسعة لتخزين السلاح الخفيف والمتوسط مع مساحات للاجتماع والترتيب للهجمات ورصدنا مخططات ورقية حملت تفاصيل تلك العمليات الإرهابية التي كان التنظيم الإرهابي ينوي تنفيذها في المحافظات الجنوبية .
اصطحبتني النخبة الحضرمية إلى القبور التي دفنت فيها بقايا جثث عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي فمن بقوا في الوادي خلال معركة الفيصل تفحمت جثثهم جراء القصف الجوي من التحالف العربي الذي وجه لهم ضربات حاسمة ساعدت النخبة الحضرمية في التقدم برا وتمشيط وادي المسيني الذي فخخه التنظيم الإرهابي بالألغام لتكبيد القوات الأمنية خسائر في الأرواح وهو ما تمكنت النخبة الحضرمية من تفاديه بفرق نزع الألغام والتقدم سيرا على شكل وثبات على مدار أربعة أيام لتجنب سقوط الأفراد حسب ما أكده قائد لواء النخبة الحضرمية العميد منير كرامة التميمي قائد معركة الفيصل، ورصدتُ إحدى المقابر الجماعية التي ظهرت فيها بقايا جثث عناصر تنظيم القاعدة بوضوح حيث تسببت المتفجرات الضخمة التي كانت حولهم في تفحم جثثهم فور تلقيهم الضربات.
لا يزال سكان حضرموت يطالبون بانتشار النخبة الحضرمية لتأمين كامل المحافظة والاستعداد لطرد القاعدة من وادي حضرموت في سيئون وبتر نفوذ التنظيم بالكامل حيث لا يزال مختبئا في صحراء الوادي وينفذ من فترة لأخرى بعض العمليات الارهابية ما يمهد لانطلاق عملية أمنية لتصفيته وهو الملف الأبرز على طاولة مجلس القيادة الرئاسي الذي شُكل مؤخرا لقيادة اليمن في المرحلة القادمة وكلف نائب الرئيس عيدروس الزبيدي بترتيب الملف الأمني والعسكري ودمج القوات اليمنية في وزارتي الدفاع والداخلية بعد هيكلتهما .
وسنتسعرض في الجزء الثاني من فيلم طرد القاعدة خسائر القاعدة الإرهابي في حضرموت وكيف ساهمت معركتا المكلا والفيصل في الحد من قدرته على تنفيذ العمليات الإرهابية وفقدان القدرة على تجنيد العناصر والمسببات التي مكنته من نشر خطابه الإرهابي على مدار عقود وأهمية اتخاذ خطوات حاسمة من الدولة لترشيد الخطاب الديني في المساجد ورصد عمليات تجنيد الشباب.