تحمي أوديسا من ضربة نووية.. الكتاكومب أكبر متاهة بالعالم
- أوديسا.. لؤلؤة البحر الأسود وحلم بوتين القديم، لماذا يريدها سليمة وماذا يحول بينه وبين قصفها.
- الكتاكومب مدينة من السراديب أسفل أوديسا وأكبر متاهة بالعالم
- الروس استعملوا الكلاب في ترهيب الأسرى من أوديسا وتعذيبهم
في وقت سابق من هذا الأسبوع صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي “إن العاصمة الأوكرانية كييف والمنطقة المحيطة بميناء أوديسا على البحر الأسود وأكثر من 12 منطقة أخرى تعاني من نقص في الكهرباء بعد هجمات روسية لا هوادة فيها على البنية التحتية للطاقة”.
وأضاف: “أن الأمور صعبة للغاية في منطقة كييف ومدينة كييف ومنطقة أوديسا وأيضا فينيتسيا وترنوبل“.
وتحظى مدينة أوديسا بأهمية خاصة، حيث أنها الميناء الرئيسي والعاصمة الثانية لأوكرانيا بعد كييف، فمدينة أوديسا.. ملحمة قديمة يطمح بوتين في تجديدها، فلماذا ظن أن أهلها سوف يستقبلونه بالورود، وماذا فعل بهم حين تلقى رصاصات الدفاع عن وطنهم؟
إذا ضرب بوتين أوديسا ستنهدم داخل المدينة المجوفة
فمدينة أوديسا هي لؤلؤة البحر الأسود، ودرة مدن أوكرانيا التي يطمح بوتين في الاستيلاء عليها بغير ضربات صاروخية موجعة، فهناك مايمنعه من ضربها بقوة، يردد البعض أن السبب هو ارتباط القديم بالمدينة حين كان مقر عمله بها وقت خدمته في جهاز المخابرات السوفيتية السابق ، الكيه جي بي، ولكن السبب الحقيقي الذي ربما يمنع الرجل من قصف المدينة بعنف كما فعل بباقي المدن الأوكرانية، هو الكتاكومب، أو سراديب الموتى
أكبر متاهة في العالم، أثناء رحلتنا لتغطية الحرب في أوكرانيا قمنا بزيارة الكتاكومب حين ذهبنا لتغطية الوضع في مدينة وميناء أوديسا.
فما هي الكتاكومب؟
إنها أكبر متاهة بالعالم، المختبر السري السابق للتجارب النووية السوفيتية، والملجأ الذي يعده أهالي أوديسا للاختباء من ضربة نووية متوقعة من بوتين ضد مدينتهم بعد غضبه عليهم من مقاومتهم له عكس ما توقع في بداية الحب.
الكتاكومب مدينة من السراديب أسفل أوديسا
في رحلتنا لتغطية الحرب في أوكرانيا قمنا بزيارة المدينة التي يريد بوتين أن يحكم سيطرته على البحر الأسود بضمها إليه، وقد تم حفر الكتاكومب بين عامي 1819 إلى 1850 كان الغرض من حفرها في البداية هو استخراج أحجار منها لبناء مدينة أثرية الطابع في أوديسا، وتقع كتاكومب في مجموعة من الطوابق تحت الأرض، ولم تكن الكتاكومب مجرد متاهة تحت الأرض حيث تم استخدامها كمخبأ للجنود في الحربين العالميتين الأولى والثانية
وهذا ما جعل سكان أوديسا اليوم يستخدمونها كمخبأ فور سماعهم إنذارات الحرب، كما بعضهم بتجهيز نفسه لضربة نووية فأتوا بملابسهم وأغراضهم لتوقعهم أن يضربهم بوتين بالنووي خاصة بعد تردد أخبار عن توجيه رأسين نووين روسيين باتجاه أوديسا.
ويقول ألكسندلار ساشا المرشد السياحي والدليل الذي قادنا داخل سراديب الكتاكومب “هذه المدينة الجوفية منذ عصر الإمبراطورية الروسية وهي من اقدم السراديب والمتاهات تحت الأرض تم حفر الكتاكومب بين عامي 1819 ، 1850 حيث كانوا يستخدمون الأحجار المستخرجة منها في بناء مدينة أوديسا القديمة الأثرية،و الكتاكومب شبكة من السراديب تحت الأرض ولها العديد من المداخل فإذا ضرب أحد المداخل فهناك العديد منها”.
السوفييت استخدموا الكتاكومب كمختبر نووي خفي عن الأنظار
تم استخدام الكتاكومب من قبل الاتحاد السوفيتي كمخبأ للتجارب النووية النووية أثناء الحرب الباردة في الستينات من القرن الماضي حين كانت أوكرانيا تحت حكم الاتحاد السوفيتي.
وعن ذلك يقول ألكسندر ساشا “ثم تم استخدام الكتاكومب كمخبأ بين عامي 1917 ، 1945،كما استخدموها في حربهم الباردة في الخمسينات و ستينات القرن الماضي لتكون مخبأ سري للنشاط النووي”
وهذا ماجعل سكان أوديسا اليوم يستخدمونها كمخبأ فور سماعهم إنذارات الحرب، كما قام بعضهم بتجهيز نفسه لضربة نووية، فأتوا بملابسهم وأغراضهم لتوقعهم أن يضربهم بوتين بالسلاح النووي خاصة بعد تردد أخبار عن توجيه رأسين نووين روسيين باتجاه أوديسا.
وفي أحد الطوابق السفلية للكتاكومب يقف معنا ساشا ليشرح لنا كيف سيحتمي أهالي اوديسا بالكتاكومب من النووي فيقول “نحن الآن نقف تحت 20 مترا من الحجارة فوقنا لا يمكن أن يحدث أي ضرر للمختبئين هنا نتيجة استخدام أي نوع من الأسلحة.”
بوتين لم يكن يتوقع مقاومة في أوديسا ففوجئ بأهلها يدافعون عن وطنهم
شئ ما جعل بوتين يتوقع في هجماته الأولى لأوكرانيا أن يستقبله أهالي أوديسا بالورود ولكنه فوجئ بالمقاومة والدفاع عن وطنهم، وهو ما رصده الأب فيرازيوك فاسيلي قس الكنيسة الكاثوليكية في أوديسا وأحد الأسرى الذين تم تعذيبهم في روسيا.
من أوديسا خرج الأب فيرازيوك فاسيلي صباح 25 فبراير الماضي باتجاه جزيرة الثعبان التي والروس الروس في اليوم السابق، ليقوم بالتقاط الجرحى من المدنيين إلى جانب العودة بجثث الجنود الأوكران قبل العبث بها من جانب القوات الروسية فماذا فعل به الروس بعد أسره؟
قصة جديدة عن جرائم الحرب الروسية، في رحلتنا لأوكرانيا قابلنا العديد من ضحايا جرائم الحرب الروسية ، ليسوا مجرد ضحايا ولكنهم ضحايا جرائم حرب، كان من ضمن من قابلناهم ثلاثة رجال دين ،أحدهم شاهد عيان في جرائم الحرب في بوتشا، والإثنين الآخرين كانا أسيرين تم تعذيبهما لدى الروس أثناء الأسر.
خرج ليعيد الجرحى وجثث الجنود بسفينة إنقاذ فأسره الروس وعذبوه
يقول الأب فيرازيوك فاسيلي قس الكنيسة الأرثوذكسية في أوديسا والذي كان أسيرا لدى القوات الروسية على مدار أشهر تم تعذيبه فيها بصورة مستمرة “عندما بدأ هذا الاكتساح الشامل المجنون، كانت لدينا مهمة للذهاب إلى جزيرة الثعبان، والتقاط جثث جنودنا الذين لقوا حتفهم هناك للعودة بهم والصلاة عليهم، فغادرنا مدينة أوديسا في الخامس والعشرين من فبراير وفي اليوم التالي أثناء وصولنا إلى الجزيرة، تم احتجازنا، أعطونا الأمر بإسقاط المرسى و تم إيقاف سفينتنا”
ويكمل فاسيلي “سفينتنا اسمها “سفير” وهي سفينة بحث وإنقاذ ،صعدت عناصر الجيش الروسي على متنها ليبدأ كل شيء على السفينة نفسها، تعذيب، استجواب ،وأسئلة: عن ماذا نفعل هنا؟ ، لماذا أتينا إلى هنا؟ وعندما قلنا أننا جئنا لالتقاط جثث جنودنا القتلى وإجلاء أولئك الذين بقوا على قيد الحياة، لم يصدقونا وقالوا إننا يمكن أن نكون من المجموعات الخاصة وأتينا للاستيلاء على جزيرة الثعبا ومنذ ذلك الوقت تم إلقاء القبض علينا، ثم رحلونا إلى شبه جزيرة القرم”
الأسير فاسيلي: الروس توقعوا أن نقابلهم بالخبز والملح وصدموا برفضهم فعذبونا
وعن رحلته مع التعذيب الروسي في شبه جزيرة القرم يقول الأب فاسيلي “هناك في سيفاستوبول إحدى مدن القرم ، ألقوا بنا في ما يشبه الثكنات البحرية ،ثم بدأوا مرة أخرى يستجوبونا في الصباح، وعند الظهيرة ثم في المساء، تم تعذيبنا مرارا وتكرارا، فقد قاموا بضربنا، ومعاملتنا بقسوة تامة لأنهم اعتقدوا حقًا أنهم حينما سيأتون سيقابلون بالخبز والملح وأنهم أتوا كمحررين، لكن الشعب الأوكراني نهض وقاتل، وقف للدفاع عن وطنه، لقد تم استجوابنا هناك من جميع أنواع الوحدات والاستخبارات، وكانت أسئلتهم واحدة المخابرات والداخلية والأمن و قوات من المتخصصين ولم يكن من السهل التعرف عليهم جميعًا هناك، حيث كان العديد منهم يرتدون الزي العسكري بدون تعريف مكثنا في جزيرة القرم لمدة 11 يومًا”
أسير أوديسا: الروس استعملوا الكلاب لترهيبنا وتعذيبنا
وعن المرحلة التالية في تعذيب الأسرى من سفينة اوديسا يقول الأب فاسيلي “تم حملنا في طائرة، وبعد ذلك تم نقلنا إلى منطقة بيلغورود في قرية شبيكينو، وكان هناك في هذه المستوطنة معسكر اعتقال، بدأوا في السخرية منا، لقد أحضرونا من أوكرانيا حيث كانت درجة الحرارة 9 مئوية وعندما نقلونا إلى بيلغورد، كانت درجة الحرارة 22 درجة مئوية تحت الصفر، كانت شديدة البرودة.
وقاموا بإنزالنا جميعًا من السيارة ووضعونا في خيام ، ووضعوا بعض الكلاب للحراسة، كانوا يقومون بضربنا، إذا رفعنا رؤوسنا بعقب مدفع رشاش و ضربونا في الضلوع، وعمومًا سخروا منا كما أرادوا وعذبوا مرة أخرى وعذبوا ثم عذبوا ، وسألوا نفس الشيء ، سواء في شبه جزيرة القرم ، أو على متن السفينة ، أو في مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة رقم 2 ، كما تعرضنا للتعذيب في منطقة بيلغورود، والسؤال هو كنت تدعم أوكرانيا أم لا؟ وسألونا عن تاريخ مهاجمتهم أوديسا ، أين كنت في أوديسا ؟ ما الذي فعلته و في أي جانب كنت؟ من دعمت؟ هل كنت نازيًا أم لا؟ هل تؤيد روسيا أم لا؟ نفس الأسئلة في كل تحقيق ومع كل محقق”
الروس كانوا يستمتعون بتعذيب الأسرى لمجرد التعذيب
ثم يسترجع الرجل الستيني مراحل تعذيبه على يد القوات الروسية فيضيف في ألم “بعد ذلك قاموا بالفعل بفك الكلاب كي تقوم بعضنا، لكن أصعب شيء بدأ عندما تم نقلنا إلى مركز احتجاز قبل المحاكمة حيث أجبرونا على التحدث باللغة الروسية فقط ،و بدأوا في ضربنا بقسوة والسبب لم يكن لمعرفة بعض المعلومات، لقد عذبونا لمجرد التعذيب ، ثم عندما ضربونا وسألتهم لماذا تضربون ، أجاب بدون سبب فلو كان هنالك سببا لقتلتك ، هكذا عاملونا، صعقوا أيادينا بالصدمات الكهربائية، وغرسوا الإبر تحت أظافرنا ، وبدأوا للتو في السخرية لأنك فقط أوكراني ، واستمر التعذيب على مدار 70 يومًا وبعدها يومًا تم إطلاق سراحي في صفقة لتبادل الأسرى، ولا أعرف مع من تم استبدالي و ما هو الاتفاق؟ ولكن مع ذلك تم تبادلنا ، أعطوني أمرًا أن ارتدي غطاء الرأس، وغموا عيني، هكذا لمدة يومين تم نقلنا بالطائرة إلى شبه جزيرة القرم، ومنها إلى الأراضي الأوكرانية حيث تم تبادلنا بالفعل وفي السادس من مايو كنت بالفعل في أوكرانيا، ورأيت العلم الأوكراني ، وبكيت وأدركت أنني في الوطن”
لا شيء يشتري حب الأوطان وهذا ما بعثه أهالي أوديسا في عبارات ضد روسيا كتبوها على تمثال الامبراطورة الروسية كاثرين الثانية والتي قام بعض أهالي أوديسا بالطالبة بإزالة تمثالها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.