رئيس التيار الصدري يرفض وساطة قائد فيلق القدس قاآني للصلح مع المالكي
فجر فوز التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وخسارة الإطار التنسيقي الموالي لإيران في الانتخابات العراقية الأخيرة التي أقيمت في عام 2021، واعتمد فيها قانون انتخابات جديد تم تطبيقه لأول مرة، وهذا القانون هو الذي ساهم بخسارة الإطار التنسيقي الذي أصر على إبعاد الصدر عن المشهد السياسي، والتفرد بتشكيل الحكومة عن طريق نشر الميليشيات المسلحة التابعة له في شوارع بغداد وبعض المحافظات العراقية والتهديد بالفوضى والحرب الأهلية.
كل هذا دفع الصدر إلى الانسحاب والاعتزال سياسيًا واستقالة كتلته النيابية من البرلمان مما ولّد حالة من القلق بين الفاعلين في المشهد السياسي والترقب لخطوة الصدر القادمة.
الصدر ينوي التركيز على دراسته الحوزوية ويصوب نحو أرفع شخصية شيعية
كل هذه التطورات وغيرها استوجبت من إيران التي تهيمن على الملف العراقي إرسال مبعوثها قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني، في زيارة غير رسمية للقاء الصدر، وإقناعه بالعدول عن قرار العزلة السياسية، ومشاركة باقي الأطراف السياسية الشيعية في إدارة الدولة.
إلا أن صحيفة الجريدة الكويتية وفقا لمقال نشرته ذكرت فيه أن الصدر أصرّ على اعتزال العمل السياسي، وأبلغ المسؤول الإيراني أنه ينوي السفر إلى قم قريباً للتركيز على متابعة دراساته الحوزوية.
وأضاف مصدر للصحيفة أن قاآني خرج من اللقاء بانطباع مفاده أن الصدر يفضل أن يصبح مرجعاً دينياً في العالم الشيعي بدلاً من أن يكون مرجعاً سياسياً في العراق، وأنه يفكر أن يكون أرفع شخصية شيعية بعد وفاة المرشد الإيراني علي خامنئي والمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.
وكشف أن قاآني فهم من الصدر أنه ربما يسعى إلى خلافة خامنئي نفسه، إذ إنه حسب الدستور الإيراني والقوانين المتعلقة بانتخاب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، فإن المرشد لا يشترط أن يكون إيراني الجنسية لأنه مرشد الثورة الإسلامية، وبحسب هذه الأيديولوجيا، فإن الثورة الإسلامية شمولية تشمل كل العالم الإسلامي لا إيران فقط.
وذكر المصدر أن الصدر رفض كذلك مبادرة من قاآني لجمعه مع خصمه الأول رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، مما دفع المسؤول الإيراني إلى ممازحته، قائلاً إن السعودية وإيران تصالحتا، وأنت ترفض مصالحة المالكي؟
ولفت إلى أنه رغم تأكيدات الصدر أنه لن يشارك في الحياة السياسية، فقد سمع قاآني من باقي الفصائل تأكيدات أن التيار الصدري يعد العدة للمشاركة في الانتخابات المقبلة.
وأعتقد أنه من الصعب تحقيق ما يفكر به أو يسعى إليه مقتدى الصدر، وهو خلافة خامنئي، حتى لو كان ذلك ممكنًا وفق أيدلوجيا “الثورة الإسلامية الإيرانية” لأن تحقيق هذه الخطوة ليس بهذه السهولة، لأن الصدر عراقيًا حتى وإن كان شيعيًا ويشعر الإسلاميون الإيرانيون أن هذا المنصب حكرًا لهم ،فلن يسمح إبراهيم رئيسي أو غيره في يوم من الأيام بخسارة المنصب الأهم بالنسبة لهم، وهذا ما سيفتح مجالا لصراع حقيقي يبدأ بعد موت خامنئي.
الفصائل المسلحة الموالية لإيران تعيش تشرذما غير مسبوق
جدير بالذكر أن أحد الأهداف الأساسية لزيارة قاآني للعراق كان التوسط لحل الخلافات بين التيارات الشيعية عموماً، وبشكل خاص الخلافات بين الفصائل الموالية لطهران التي تعيش تشرذماً غير مسبوق، ووصل إلى مرحلة التصادم السياسي والإعلامي، وطهران تتخوف من أن تتطور هذه الخلافات إلى تصادم عسكري.
وقال المصدر إن الخلافات بين بعض هذه الفصائل وصلت إلى درجة أن هؤلاء يرسلون رسائل تخريبية ضد بعضهم إلى خامنئي مباشرة، ما دفع الأخير إلى إيفاد قاآني لبغداد للاطلاع على الأمور عن كثب.
وأشار المصدر إلى أن هدفاً آخر لا يقل أهمية لزيارة قاآني يتمثل في إطلاع حلفاء إيران على الوضع الجديد بعد المصالحة الإيرانية السعودية، والسياسات المستقبلية لطهران في المنطقة، خصوصاً أن الاتفاق بين البلدين، الذي جرى برعاية الصين، نص صراحة على ضرورة “تجنب التدخل في الشؤون الداخلية للدول”، وأن هناك تغييرات في سياسة إيران لتنسجم مع الاتفاق دون أن يعني ذلك التخلي عن حلفائها.