حفيد الظاهر بيبرس يقود مظاليم روسيا تحت لواء كتيبة “الحسم”
في أحد المطاعم التترية التراثية على أطراف العاصمة كييف، تم تحديد موعد مقابلة قائد القوات المسلمة على الجبهة الأوكرانية، هو من حدد الموعد والمكان، الذي حرص أن يكون نموذجا للتراث التتري القرمي، إنه عيسى أكاييف، قائد القوات التترية على الجبهة الأوكرانية وتحت إمرته انضمت باقي الكتائب المسلمة من شيشان وطاجيك وأوزبك وغيرهم ممن كان لهم ثأر قديم مع روسيا على أراضي بلادهم.
استقبلني عيسى بابتسامة وترحيب مع وعد بلقاء مصور فيديو بعد حصوله على الإذن بذلك من وزارة الدفاع الأوكرانية، بادرني أكاييف بقوله “حينما علمت أنك مصرية وافقت على لقائك رغم أنني متوجه إلى الجبهة الآن، لأن لمصر والمصريين عندي مكانة خاصة بسبب محبتهم لجدي.
فأجبته متسائلة: جدك!، هل كان جدك مصريًا؟
نعم وكان سلطانًا على المصريين فأنا من نسل الظاهر بيبرس، أنا حفيده، ألا تعلمين أنه من تتار القرم؟
بيبرس تتري من القرم والتتار ليسوا مغولا
فما لا يعرفه الكثيرون من عشاق سيرة وتاريخ السلطان المملوكي الظاهر بيبرس البندقداري هو أنه من تتار شبه جزيرة القرم، كما أن الكثير من العرب والمسلمين لا يعلمون أن التتار ليسوا هم المغول وأن جزءا كبيرا مما كان يدرَّس لنا في طفولتنا ظلم هذه العرقية وشوه صورتها في مخيلتنا كأطفال، فالحقيقة أن تتار القرم هم نسل القبيلة الذهبية وهم من كانوا يحاربون المغول مع الظاهر بيبرس ولم يكونوا جزءا منهم يوما.
و كلمة القرم تعني “القلعة” أو “الحصن” باللغة التتارية، وطالما كانت القرم حصنا منيعا عصيا على روسيا إبادته من الوجود رغم المحاولات المستميتة من حكام روسيا على مر العصور، وحكم هذا الإقليم دولة “خانات تتار القرم” التي تأسست عام 1430، واستمرت هناك لنحو أربعة عقود قبل أن تُسقطها عام 1783 الإمبراطورة كاترين الثانية، التي شرعت بعد ذلك
بتهجير أعداد كبيرة من مواطنيها الروس إلى هناك، ثم تبعها ستالين الزعيم الروسي الذي اتهم تتار القرم بموالاة الألمان في الحرب العالمية الثانية واتخذ من ذلك ذريعة لابادتهم وتهجيرهم مرة أخرى عام 1944.
كتيبة المهام الخاصة داخل العمق الروسي
عيسى أكاييف مقاتل من تتار القرم الذين يتم اضطهادهم على يد الروس منذ عهد الامبراطورة كاثرين، وهو أيضا قائد الكتيبة التترية المسلمة على جبهة القتال الأوكرانية، بل هو القائد الرئيسي لجميع الكتائب المسلمة التي تحارب تحت راية أوكرانيا، من تتار وشيشان وطاجيك وأوزبك ومؤخرا، سوريين وغيرهم.
أخبرني أكاييف أن لهذه الكتائب المسلمة مهمات خاصة، فجميعهم ينضمون تحت لوائه في وحدات للاستطلاع والعمليات الخاصة، حيث يقومون بالدخول إلى الأراضي الأوكرانية المنفصلة والمحتلة في إقليم الدونباس وخيرسون وشبه جزيرة القرم بل ويصلون في بعض العمليات إلى عمق الأراضي الروسية ويقومون بعمليات موجعة للنظام الروسي وهو ما جعلهم مستهدفين من بوتين أيضا.
جمعت هذه الكتائب مظلومية المعاناة من الحكم الروسي وبطش بوتين على مدار أكثر من عقدين من الزمان، بل ويعود عمر اضطهاد بعضهم لما يزيد عن الثلاثة قرون مثل تتار القرم.
الثأر من روسيا يجمع المقاتلين المسلمين تحت راية أوكرانيا
تتجمع هذه الكتائب تحت راية الإسلام المضطهد من روسيا على مر العصور ولذا فهم يعتبرون بمثابة كنز في تلك الحرب فلديهم ما يموتون لأجله، أوطان ضائعة اغتصبها الروس وأجداد تم تشريدهم أطفالا خارج أراضيهم على خلفية هويتهم الدينية والعرقية ، فلا يوجد على في هذه الحرب على جبهتي القتال من لديه عقيدة الجهاد ليقاتل حتى الشهادة من أجل دفع ظلم قديم أو حديث طال وطنه على يد بوتين وأسلافه إلا المسلمون.
ومنذ بداية الحرب والتتار قد حسموا موقفهم بجانب وطنهم حيث كانت شبه جزيرة القرم تابعة لأوكرانيا حتى عام 2014 حين استولت عليها روسيا لتعيدهم مرة أخرى إلى عصور الاضطهاد والمعاملة كمواطن من الدرجة الثانية داخل أرض أجدادهم.
عبد الحكيم الشيشاني يفر من اضطهاد الجولاني إلى قتال بوتين
وحاليا تستقبل الكتائب المسلمة وجوها جديدة وتتوالى الإمدادات البشرية من المسلمين أصحاب الثأر مع بوتين، فها هو عبد الحكيم الشيشاني الذي كان قائدا لإحدى الفرق في سوريا تدعى كتيبة “أجناد القوقاز” على مدار أعوام أيضا ينضم إلى كتيبة جوهر دوداييف بينما يلتحق به أبو مسلم الشيشاني في كتيبة الشيخ منصور الشيشانية على الجبهة أيضا، كل منهما ذهب رجاله
رستم أزاييف أو عبد الحكيم الشيشاني كما عرف في سوريا ظهر في فيديو اجتماع لإحدى الكتائب المسلمة على الجبهة الأوكرانية.
خلال الاجتماع تم إعلانه قائدا للقوات المسلحة في جمهورية إشكيريا الشيشانية وهي جمهورية ذات اعتراف جزئي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي في أواخر سنة 1991 على يد الجنرال جوهر دوداييف عقب تفكك الاتحاد السوفيتي وتم تفكيكها مرة أخرى عام 2003 على يد روسيا لتنقسم إلى جمهورية الشيشان برئاسة الحليف الروسي قاديروف وإمارة القوقاز الإسلامية.
لقد أخذ عبد الحكيم الشيشاني على عاتقه محاربة روسيا في كل مكان تبدأ فيه حربا جديدة وهو ما جعله يتجه إلى سوريا ويقضي بها سنوات عدة يتصدى فيها للسلاح الروسي وألحقت كتيبته أضرارا كبيرة بالقوات الروسية في سوريا حيث كانت خبرتهم السابقة في قتال الروس في الشيشان عاملا مهما في تحقيق انتصارات عليهم في سوريا كما كانت جماعة عبد الحكيم الشيشاني تحديدا تنأى بنفسها عن الانخراط في صراع الفصائل السورية فهم قد حددوا هدفهم منذ البداية :إيجاع بوتين في سوريا.
ولكن بعد أن تم استخدام أبو محمد الجولاني في تصفية المقاومة ضد النظام السوري وروسيا في إدلب وغيرها من المدن في الريف الشمالي لسوريا قرر الشيشاني أن يأخذ كتيبته ويرحل لينضم لجبهة أوكرانيا للحرب ضد روسيا ليبدأ معركة جديدة في مشوار ثأره مع القيصر الروسي.
ويخبرنا الناشط والصحفي السوري همام عيسى والذي كان على اتصال مباشر بالكتائب الشيشانية في إدلب أن أبرز المعارك التي شاركت فيها جماعة الشيشان هي معارك سجن حلب عام 2014 وكبانة وجسر الشغور حيث كان نشاط الشيشان بريف الساحل السوري.
ويضيف همام “أنه بسبب تواجد عناصر الشيشان في محاور الكبينة قامت القوات الروسية بإحضار مترجمين شيشان للتنصت عليها كونها تلعب دورا كبيرا في التصدي للحملة العسكرية الروسية على محور كبانة، وكان لها دور كبير في إفشال كل العملية العسكرية تلك فهي تمتلك خبرة عسكرية وقوة تحمل تجعلها قادرة على الصمود بوجه مئات محاولات اقتحام النظام وروسيا للكبينة.”
وسبب تقدير الكثير من السوريين لكتيبة “أجناد القوقاز” الشيشانية بقيادة عبدالحكيم الشيشاني أنها لم تتدخل يوما في شؤون المجتمع السوري ولم تقحم نفها بأمور الفصائل فهي تقف عند اقتتال الفصائل على الحياد.
وعن العوامل التي جعلتهم تركوا سوريا إلى أوكرانيا يقول عيسى: “رحلوا بسبب حملة القمع التي تقودها هيئة تحرير الشام ضد الفصائل الجهادية في الشمال السوري وتفكيك جماعة جند الله وجنود الشام الشيشان ومنعهم من العمل خارج رايات هيئة تحرير الشام التي تسيطر على إدلب”.
ويضيف عيسى أنه “في عام ٢٠١٨ في كبانة بريف الساحل السوري ، مع بدء القوات الروسية توغلها العسكري في سوريا جاء عبد الحكيم الشيشاني مع مجموعة من الشيشان إلى سوريا من أجل القتال إلى جانب فصائل المعارضة السورية ضد عدوهم المشترك هو وعلي الشيشاني مسلم الشيشاني أمير جنود الشام وموسى الشيشاني”.
علمت” أخبار الآن” من بعض المصادر التي رفضت ذكر اسمها في الجيش السوري الحر أن عبد الحكيم قد ذهب إلى أوكرانيا مع كتيبته من المقاتلين الشيشان كما ذهب مسلم الشيشاني أيضا مع عدد غير قليل من رجاله المقاتلين بعد محاولة اغتياله على يد روسيا والتي راح ضحيتها زوجته وأفراد من أسرته، ثم ملاحقته هو ورجاله من جانب “هيئة تحرير الشام” .
رماة التاو السوريين أول الفصائل السورية في أوكرانيا
أما أول فصيل سوري يذهب للحاق بكتائب المسلمين في أوكرانيا فهم “رماة التاو” وهم مجموعة من رماة صواريخ “التاو” عرفوا في سوريا باستهدافهم للمعدات العسكرية الروسية بصواريخ التاو وأصبحوا خير رماة بها، لدرجة أن روسيا أصبحت تستهدفهم واحدا تلو الآخر، معلوماتنا أن 80 وحدة من رماة التاو السوريين قد وصلت أوكرانيا منذ يونيو الماضي وكان أبرزهم سهيل أبو التاو وهو أحد الذين حاولت روسيا اغتيالهم من الرماة السوريين ولكنه استطاع الفرار إلى أوكرانيا وأعلن ذلك على حسابه بتويتر.
وتتكون كل وحدة من وحدات التاو من رام ومساعد أي 160 راميا محترفا لصواريخ التاو السوريين يحاربون اليوم على الجبهة الأوكرانية.
حينما سألت مصدري السوري من الجيش الحر، لماذا يذهب سوريون إلى أوكرانيا للحرب هناك، فأجاب: “كما جاءت روسيا تحاربنا في أرضنا وحاربناها كثيرا واليوم تم تجريدنا من جميع الأسلحة إلا البنادق بسبب بعض الجماعات التي تعمل لصالح روسيا والنظام مثل الجولاني الذي ضيق على المحاربين السوريين والشيشان ومنع عنهم الامدادات”.
ويضيف المصدر” لقد تم إرسال 80 طاقما من رماة التاو والآن سيتم تجهيز دفعة من المقاتلين الأفراد حيث يتم الإعداد لإرسال سرب مقاتلين منعوا أيضا من قتال روسيا ونظام بشار الأسد في سوريا يجري تجهيزهم للذهاب إلى أوكرانيا”.
كما صرح نفس المصدر بأن مجموعة من المقاتلين الأوزبك بلغ قوامها 200 مقاتل قد غادروا سوريا إلى جبهة الحرب في أوكرانيا من أجل استئناف محاربة بوتين على أرض أخرى.
وشدد المصدر السوري من الجيش الحر على أن من حق المقاتلين أن ينقلوا معركتهم مع روسيا على أرض أخرى طالما تم التضييق عليهم في سوريا ولم تعد الحرب متكافئة.
هكذا يتجمع كل من عانوا من اضطهاد ومطامع روسيا الاستعمارية تحت راية واحدة لتتحقق بهم مقولة أن “روسيا سجن الشعوب” هكذا قال الرفيق لينين وهكذا أكملت روسيا السوفيتية ثم البوتينية مسيرة الإمبراطورة كاثرين ورومانوف وستالين
الحرب ستستمر طويلا وستنبثق منها حروب أخرى جزئية وسينتج عنها جماعات وكيانات جديدة ستعيد دورة حياة جماعات أفل نجمها، وتجتاح العالم نوبة جديدة من الإرهاب برعاية بوتين.