أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (نهاد الجريري)
ظهرت فرقة “الكفن الأبيض” في البوكمال التابعة لدير الزور شرق سوريا في منتصف العام الحالي، وبالتحديد في شهر تموز مع إعلان البغدادي ما يسمى الخلافة ومع سيطرة داعش على المدينة.
يظهر على شعارهم أسماء ثلاثة فصائل مقاتلة هي: جبهة الأصالة والتنمية وهي فصيل مستقل يؤمن بإقامة دولة إسلامية ضمن حدود سوريا وفي إطار وطني؛ ولواء المجاهد عمر المختار، وهو فصيل مستقل أيضاً باستثناء فترة مؤقتة انضم فيها لأحرار الشام وانفصل عنهم في يناير 2014؛ ولواء القادسية الإسلامية وهي فصيل مستقل أيضاً ولكنه يميل إلى مفهوم الخلافة.
لكن المتحدثين باسم “الكفن الأبيض” يقولون إنهم مستقلون ولا تربطهم أي صلة بتنظيمات مسلحة قائمة على الأرض. في حسابهم على تويتر @sawaTblanc، وبتاريخ 26 تموز يوليو 2014، قالوا في “البيان رقم 1” إن تسمية الفصائل الثلاثة في الشعار جاء “عرفاناً منا وشكراً لهم على ما قدموه من أرواح ودماء وقتال ضد المجرم بشار وحرروا البلد … ونحن لا نمثلهم ولا هم يمثلوننا.”
وظهرت في الفترة نفسها بيانات على تويتر وفيسبوك تنسب “الكفن الأبيض” إلى “شباب المقاومة الشعبية في محافظة دير الزور”. في 22 تموز يوليو 2014، نشروا بياناً يمكن اعتباره “برنامج عمل”، قالوا فيه إنهم “يعملون بأخلاق الإسلام وحريصون على عدم الاعتداء على الآخرين ويقدمون رسالة للمهاجرين (أي داعش) لماذا نكرتم الجميل؟ لماذا نسيتم وتجاهلتم أن رحمة الإسلام قد وصلت بلادكم في الشيشان وغيرها من عندنا في بلدنا من بلاد الشام.”
وظهر أيضاً أن الفصائل المقاتلة لداعش انضمت في فصيل واحد هو سرايا جيش التوحيد ليكون “الذرع العسكري لمقاتلة جيش الأسد وعصابته من جماعة البغدادي.” وأشار بيان في هذا الشأن إلى أنه “سيتم تعزيز قدرات السرايا بدير الزور والرقة حالياً وستبقى كتيبة الكفن الأبيض ذراعاً لجيش التوحيد ولم يتغير الاسم في البوكمال.”
كانت جماعة “الكفن الأبيض” تقود مظاهرات ضد داعش في البوكمال وتنفذ اغتيالات إما بإطلاق الرصاص أو استخدام السيارات المفخخة. في إحدى المرات أعلنوا عن وصول “كواتم” وعلى الأرجح هي مسدسات لتنفيذ الاغتيال. وهذا يعطي انطباعاً بسرية عملهم خاصة أنهم لا يستهدفون داعش وحدهم وإنما المتعاونين مع داعش أيضاً. من أبرز القيادات التي استهدفت أبو يوسف المصري القيادي السابق في جبهة النصرة والذي بايع داعش عندما دخلت المدينة.
لم يستمر هذا الحساب طويلا. في أواخر تموز يوليو أعلنت ما تسمى “كتائب الدولة الإسلامية الإلكترونية” أنها اخترقت الحساب بعد تصفية صاحبه، أبو علي البوكمالي. ونشرت صور للبوكمالي وقد صُلب في إحدى ساحات البوكمال. لكن بعد أيام ظهر حساب جديد @alkafn_w وجاءت فيه بيانات ضمن نفس الخط وهو مقاتلة داعش والنظام في آن واحد. في إحدى تغريداتهم جاء: ” كنا نعاني الظلم و الجبروت باسم العروبة والقومية واليوم نعاني أشد أنواع الاستغلال باسم الدين و المذهب.”
في أكتوبر الماضي، أعلن عن وصول كتائب “الكفن الأبيض” إلى دير الزور. وهذا يعني مقدمة لاغتيالات وعمليات ضد داعش هناك. ومن هناك ستكون الطريق سهلة ربما إلى الرقة.
بغض النظر عن انتماءات “الكفن الأبيض”، هم أفراد سوريون لم يستغرقهم طويلاً فهم اللعبة في سوريا. داعش والنصرة اختطفا مقدرات الثورة وإنجازاتها. القتال ضد داعش والنصرة هو كالقتال ضد نظام الأسد. داعش والنصرة لا تريدان خيراً لهذا البلد.
لكنهم في نفس الوقت يدركون أن مواردهم محدودة وغير قادرين على مواجهة مباشرة، فيلجأون للاغتيالات والاستخبارات. وهذا خير.
كما أن الثورة ضد الأسد جاءت من الداخل، كذلك الثورة ضد داعش وما يشبهها ستأتي من الداخل. لا بد أن تأتي من الداخل.