خبير في السياسات الفلاحية: الزيادة في سعر القمح هذه السنة أقل من السنة الماضية مع أن ظروف الفلاحة أسوأ
- الدولة لا تشجع الفلاحين وهذا سيؤدي إلى عزوفهم عن الفلاحة في الموسم القادم
- تقدير محصول الحبوب المتوقع جمعه من حقول القمح بنسبة 5.8% فقط من الحاجيات
أعلنت وزارة الفلاحية في تونس عبر وزيرها عبدالمنعم العاتي، مؤخرا، زيادة استثنائية في سعر استلام القمح الصلب بـ10 دنانير (3,3 دولارات) للقنطار ليصبح السعر عند الاستلام 140 ديناراً أي ما يقابل 46,6 دولارا.
وجاءت هذه الزيادة في سعر قبول القمح الصلب في مراكز التجميع الرسمية، بعد مطالبة الفاعلين في القطاع بالزيادة لتجميع كامل الإنتاج من القمح الصلب، وقطع الطريق أمام ترويجه في المسالك الموازية، وتأمين البذور للموسم المقبل.
وللحديث أكثر عن هذه الزيادة وتداعياتها على الفلاحين والاقتصاد التونسي تواصلت “أخبار الآن“ مع الخبير في السياسات الفلاحية فوزي الزياني الذي عبّر عن خيبة أمله من الزيادة الأخيرة.
وأكد أن الزيادة الأخيرة لا تتوافق مع تطلعات الفلاحين، مشيرًا إلى أن الزيادة التي قامت بها الدولة السنة الفارطة كانت تقدر بـ30 دينار.
وأضاف:”من غير المعقول أن تكون زيادة هذه السنة أقل بكثير مما سبق مع أن ظروف الفلاحة والبلاد بشكل عام أسوأ”.
وأكد الزياني: “أقرت الحكومة الزيادة البخسة دون أن تأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجهها تونس هذه السنة كأزمة المناخ والجفاف الذي دمر الصابة والتغيرات الجيوسياسية”.
وقال: “10 دنانير (3,3 دولارات) للقنطار لا تساوي شيئًا والحكومة حين أقرت هذه الزيادة لم تراعي الصعوبات التي يمر بها الفلاح المتمثلة في غلاء المحروقات ويد العاملة والبذور ولا الجفاف الغير المسبوق”.
وبيّن أن سعر قبول القمح يجب أن يكون في حدود التسعيرة العالمية، إذ يبلغ سعر طن القمح حاليًا في البورصة العالمية بنحو 291 دولارًا وفي تونس تقوم الدولة بقبول القمح أقل بكثير من السعر العالمي وفق تعبيره، وهذا سيتسبب في عزوف الفلاحين عن تعاطي هذه المهنة، ولا يمكن لومهم على ذلك لأنهم لا يتلقون أي تشجيع أو دعم من الدولة.
هذا وقام اتحاد الفلاحة والصيد البحري بتقدير محصول الحبوب المتوقع جمعه من حقول القمح بنسبة 5.8% فقط من الحاجيات، ما يرفع الواردات إلى أكثر من 94% لتحقيق الكفاية من الحبوب خلال الموسم المقبل.
وأشار فوزي إلى أن تجار السوق السوداء ينافسون الدولة على شراء محاصيل الحبوب هذا العام، حيث يبلغ عرض السعر الحالي في الأسواق الموازية 180 ديناراً للقنطار الواحد وأحيانا يتجاوز 200 دينارا أي أكثر من السعر الذي تضعه الدولة بعد الزيادة، وهو ما يزيد من مخاطر تسرب المحصول خارج مراكز التجميع.
وخسرت تونس بسبب موجة الجفاف الشديدة هذا العام ما يزيد عن 28% من المحصول، مقارنة بما تم جمعه السنة الماضية والذي كان في حدود 7 ملايين قنطار.
ويبلغ استهلاك تونس من الحبوب 3.4 ملايين طن (1.2 مليون طن لكل من القمح الصلب والقمح اللّين، ومليون طن شعير)، وفق ديوان الحبوب الحكومي ويبلغ معدّل واردات البلاد من الحبوب ضعف الإنتاج المحلي، أكثر من نصفها يأتي من روسيا وأوكرانيا. وقامت السلطات العام الماضي بالترفيع في أسعار الحبوب المحلية لمحصول 2022 بنسبة 30%؛ بهدف الزيادة في إنتاج الزراعات الكبرى وتجميع أكثر ما يمكن من الحبوب للتقليص من الموارد المخصصة للتوريد وتعزيز الأمن الغذائي للبلاد إلا أنها رفعت هذه السنة في التسعيرة بأقل بكثير من السنة الماضية.
وتعليقا على الوضع العام للقطاع الفلاحي في تونس ختم الزياني حديثه لأخبار الآن بالقول:”على الدولة إعلان حالة الطوارئ الفلاحية في أقرب وقت لأن الوضع لم يعد يتحمل.”