أطباء سوريا يدرسون الألمانية لتحقيق حلم الهجرة لألمانيا

داخل مركز صحي يعمل فيه متطوعاً، يتصفّح طالب الطب محمّد حسن شاشو كتباً باللغة الألمانية ومقاطع فيديو على الإنترنت للتأكد من كيفية نطق الكلمات، آملاً أن يبلغ مستوى يخوّله السفر إلى ألمانيا لإتمام دراسته والعمل.

مع اندلاع النزاع في سوريا، باتت ألمانيا تحديداً حلم المئات من طلاب الاختصاصات الطبية لينخرطوا بسوق العمل فيها، وهو ما يفسّر ارتفاع عدد المراكز التعليمية التي تدرّس لغتها في سوريا من مركز واحد قبل اندلاع النزاع في 2011 إلى أكثر من ثمانين مركزاً اليوم.

ويقول شاشو (23 سنة) الطالب في السنة السادسة في كلية الطب في دمشق: “اللغة الألمانية صعبة للغاية، خصوصاً أنّ تدريسها في سوريا لا يتمّ من قبل ناطقين أصليين بها”، مضيفاً أنّ تعلّم هذه اللغة “يستحق هذا العناء والتعب الذي سيتلاشى مع أول خطوة أخطوها في ألمانيا”.

اللغة الألمانية.. تأشيرة الأطباء السوريين للهجرة إلى ألمانيا

خلال سنوات النزاع، وجد السوريون أنفسهم أمام أبواب موصدة لناحية الحصول على تأشيرات سفر إلى غالبية دول العالم، خصوصاً الأوروبية، مع بدء تدفّق موجات اللاجئين الفارّين من المعارك والقصف.

لكنّ الأطباء شكلوا استثناءً مع تمكّنهم من الحصول على تأشيرات سفر، ولا سيما إلى ألمانيا، وفق شروط معينة يمكن تحقيقها، أبرزها التمكّن من مستوى مرتفع نسبياً من اللغة الألمانية.

ويجدر بالراغبين في تأشيرة إلى ألمانيا التوجه إلى بعثاتها الدبلوماسية في لبنان أو الأردن أو أربيل، لغياب التمثيل الألماني في سوريا.

 

 

اللغة الألمانية.. تأشيرة الأطباء السوريين للهجرة إلى ألمانيا

محمّد حسن شاشو وصديقه جعفر يدرسان اللغة الألمانية- أ ف ب

يستغلّ شاشو مع زميله في الكلية جعفر مصطفى، أوقات الفراغ لمراجعة دروسهما باللغة الألمانية. ويحاولان التحدّث بها طوال الوقت كي يتدرّبا على النطق، وليحفظا المفردات سريعاً.

ويقول مصطفى: “كل من أعرفهم من أصدقائي، سافروا أو يستعدون للسفر أو يدرسون قرار السفر”، على وقع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة في البلاد التي استنزفتها سنوات الحرب وأنهكت مقدّراتها.

ويتابع الشاب: “لماذا ألمانيا؟ لأنها الوجهة الأسهل والأضمن”، معتبراً أنّ “شهادتها قوية، وهناك عدد كبير من السوريين فيها، لذا لن أشعر بالغربة”.

انتشار مراكز تعلّم اللغة الألمانية

في معهد المركز العربي، أحد أقدم معاهد تعليم اللغات الأجنبية في دمشق، تسجّل أكثر من ألف طالب عام 2022 لتعلّم اللغة الألمانية، نحو سبعين في المئة منهم من الاختصاصات الطبية، وفق ما يشرح مدير المعهد عبد الله صالح، موضحاً أنه قبل اندلاع النزاع، انصبّ إقبال الطلاب على تعلّم اللغتين الفرنسية والإنكليزية، لكنّ الأمر تغيّر تباعاً منذ 2013.

ويشرح قائلاً: “كان معهد غوته في دمشق الوحيد المتخصّص في تعليم اللغة الألمانية، ويلبّي الحاجة بشكل كامل، أما اليوم فهناك أكثر من ثمانين مركزاً ومعهداً، ويحتاج الطلاب إلى تسجيل مبكر ليحجزوا مقاعدهم”.

اللغة الألمانية.. تأشيرة الأطباء السوريين للهجرة إلى ألمانيا

أحد مراكز تعليم اللغة الألمانية في دمشق – أ ف ب

ويعيش في ألمانيا حالياً نحو 924 ألف سوري، مقارنةً بـ118 ألفاً نهاية عام 2014، وفق مكتب الهجرة واللاجئين الذي سجّل أكثر من 700 ألف طلب لجوء من سوريين في ألمانيا منذ 2015.

ومنحت ألمانيا في عام 2020 تسهيلات لوصول العمال الأجانب “المؤهلين” إلى أراضيها، استجابة للنقص الحاصل في اليد العاملة الماهرة.