الأسباب الحقيقية خلف اختلاف أرقام ضحايا الزلزال بين الواقع والمعلن

في فجر 6 من فبراير/شباط الجاري ضرب زلزال أرضي جنوب تركيا وشمال سوريا بلغت قوته 7.7 درجات على مقياس ريختر، أعقبه زلزال آخر بعد ساعات قليلة بقوة 7.6 درجات أدى إلى مئات الهزات الارتدادية العنيفة، مما تسبب بمقتل عشرات الآلاف وإصابة أكثر من 100ألف بحسب التقديرات حتى هذه اللحظة.

في سوريا كان الضرر أكبر، وذلك نتيجة الانقسام السياسي في البلد، ذلك انعكس على الأزمة الإنسانية التي خلفها الزلزال، وقد بدا ذلك واضحًا من خلال إعلان الإحصائيات الرسمية عن أعداد الضحايا، حيث أصبحت هناك عدة جهات تعمل على انتشال الضحايا من تحت الركام؛ الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ووزارة الصحة في مناطق النظام.بين الواقع والأرقام المعلنة

 

وفقًا للإحصائيات الحالية بلغ عدد الضحايا جراء الزلزال نحو 4000 حالة وفاة و 7000 مصاب، وهي كالآتي 2169 حالة وفاة و2950 حالة إصابة وفقًا للخوذ البيضاء، بينما تقول وزارة الصحة التابعة للنظام أنها رصدت 1414 حالة وفاة و2349 حالة اصابة في مناطق النظام السوري، لكن أعداد الضحايا الفعليين أكثر بكثير من هذه الإحصائيات..

لماذا توجد فجوة في أعداد ضحايا الزلزال في سوريا بين الأرقام الرسمية والواقع؟

حيث حصلت “أخبار الآن” على إحصائيات حصرية من مصادر في المستشفيات التي وصل إليها الضحايا منذ الساعات الأولى، وبحسب مسؤولي المستشفيات في مناطق المعارضة في شمال غرب سوريا، فقد وصلت عدد حالات الوفاة ما يقارب 2890 وأكثر من 3860 مصاب، وفي المناطق النظام كان العدد كالآتي 1575 حالة وفاة و3054 حالة إصابة، ويتوقع بهاء سويد – أحد العاملين في مستشفى الرحمة بدركوش أن الرقم الفعلي أعلى بكثير من الإحصائيات الرسمية.

يعزو سويد لـ”أخبار الآن” السبب في تضارب الإحصائيات وأعداد الضحايا الرسمية والفعلية إلى أن “الدفاع المدني في شمال غرب سوريا يُعلن فقط عن الأعداد التي عمل على انتشالها، وهنا ضحايا تم إنقاذهم وإسعافهم من قبل المدنيين قبل أن يصل الدفاع المدني، بل أن هناك متوفين تم دفنهم قبل أن يتم تسجيل حالات وفاتهم رسميًا”.

لماذا توجد فجوة في أعداد ضحايا الزلزال في سوريا بين الأرقام الرسمية والواقع؟

وهو الأمر الذي يؤكده أحمد المصطفى – الإعلامي في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) والذي صرح لـ أخبار الآن “نحن نتجه للأماكن المنكوبة بناءً على البلاغات التي تصل إلينا، والأعداد الرسمية التي هي 2169 وفاة و2950 إصابة هي التي انتشلناها من تحت الأنقاض والتي تم توثيقها وتسجيلها لدينا، وبالتأكيد أن هذا ليس العدد الفعلي للضحايا، وقد يكون أكثر من هذه الإحصائية، ولكن ما نعلن عنه هو العدد الموثق في السجلات التابعة للدفاع المدني”.

في الناحية الأخرى يقول أحد الصحفيين المحليين في المناطق التابعة للنظام والذي طلب عدم ذكر اسمه، بأن الأعداد الفعلية للضحايا تفوق أضعاف ما أعلنت عنه وزارة الصحة، خصوصًا المصابين، “حيث أن معظم المستشفيات والمراكز الصحية كانت فقط تستقبل الحالات الحرجة، وتطلب من المصابين بدرجة أقل المغادرة، وذلك بسبب انهيار القطاع الصحي وعدم مقدرة المرافق الطبية لاستقبال تلك الأعداد”

لماذا توجد فجوة في أعداد ضحايا الزلزال في سوريا بين الأرقام الرسمية والواقع؟

وقال المرصد السوري أن هناك 21 قرية في مناطق سيطرة النظام لم تصل إليها فرق الإنقاذ حتى الآن، مشيرًا إلى إمكانية وجود مئات الضحايا والجثث، خصوصًا بعد مرور أكثر من 7 أيام من الزلزال، ويرجح إلى عدم وجود ناجين، ويرجع أحمد اليازجي – عضو إدارة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) ذلك إلى أن فرق الإنقاذ المتواجدة في مناطق النظام ليست مدربة بالشكل الكافي وهناك فشل إدارة فيها، بالإضافة أنها لا تمتلك الإمكانيات، وهذا ما جعل الأمر أكثر سوء.

لماذا توجد فجوة في أعداد ضحايا الزلزال في سوريا بين الأرقام الرسمية والواقع؟

ويشير اليازجي إلى أن معظم الضحايا في مناطق المعارضة قد تم انتشالها، ولا يوجد مفقودين في شمال غرب سوريا، وذلك بناءً على المعلومات والبلاغات التي قدمها الأهالي لهم، مضيفًا لـ أخبار الآن “قام الدفاع المدني بإخراج جميع المصابين وانتشال الجثث في المناطق التابعة للمعارضة، حيث كان يعمل أكثر من 2500 شخص على مدار 24 ساعة، ونستطيع القول إنه لم يعد هناك أي ناجين أو جثث تحت الأنقاض”.

سياسة استثمار الكارثة

ووجه ناشطو سياسيون انتقادات للنظام السوري بالتقصير في عمليات الإنقاذ للمصابين والضحايا التي لازالوا تحت الأنقاض في المناطق التي يسيطر عليها، متهمين النظام بمحاولة استغلال هذه الكارثة للضغط السياسي على المجتمع الدولي لكسر الحصار ورفع العقوبات الدولية على النظام، وذلك من خلال توجيه الخطاب الإعلامي التابع له في محاولة لحشد استعطاف دولي على حساب الكوارث الإنسانية، متهمين كذلك الأمم المتحدة بخذلان السوريين.

الأمر الذي دفع مارتن غريفيث – وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، بالاعتراف بالتقصير مع الضحايا في شمال غرب سوريا، وذلك من خلال تغريدة له على حسابه الرسمي في تويتر “لقد خذلنا حتى الآن الناس في شمال غرب سوريا، إنهم محقون في شعورهم بالتخلي عنهم، أبحث عن المساعدة الدولية التي لم تصل، واجبي والتزامنا هو تصحيح هذا الفشل بأسرع ما يمكن، وهذا هو تركيزي الآن”.

 

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت السبت أنّ عدد المتضررين من جراء الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا، بلغ نحو 26 مليون شخص في الأسبوع الأول فقط، محذّرة من تضرّر عشرات المستشفيات في سوريا وعدم مقدرتها على استقبال المزيد من الضحايا، مشيرًة أن أكثر من 70 ألف شخص أصبحوا مشردين بلا مأوى، بعد أن تدمرت منازلهم، وأكدت المنظمة أنها حرّرت 16 مليون دولار من صندوق الطوارئ التابع لها، حيث ستذهب كمساعدات إنسانية إلى تركيا وسوريا.