تفاؤل في ختام المؤتمر التشاوري الصومالي وجماعة الشباب ترد بتفجيرات جديدة

  • يأتي تصعيد الشباب للرد على الاستراتيجية الجديدة للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود
  • هجوم الشباب جاء بالتزامن مع المؤتمر التشاوري الصومالي
  • المؤتمر يأتي هذه المرة في ظل حملة عسكرية، وانتفاضة شعبية غير مسبوقة ضد الجماعة
  • تحاول جماعة الشباب تكريس المشهد القاتم للإرهاب ورفض أي دعوة للحوار

بالتزامن مع الاجتماع الذي كان يعقده الرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود وقيادات الحكومة الفيدرالية رؤساء الولايات لتوحد جهود مكافحة الإرهاب، وتركيز الجهود على ملفات الاقتصاد المتعثر، وكيفية انتشال البلاد من الوضع المأساوي الذي وصل إليه، نفذت جماعة الشباب الإرهابية التابعة للقاعدة تفجيراً مزدوجاً استهدف مقر وزارة التربية والتعليم العالي الصومالية، في رسالة واضحة للمجتمعين تؤكد عزم الحركة مواصلة هجماتها ورفضها للحوار.

وأعلنت الشرطة الصومالية مقتل 10 أشخاص على الأقل وإصابة العشرات إثر انفجار سيارتين مفخختين بفارق دقائق، أمام مقر الوزارة في تقاطع زوبي المكتظ بالسيارات والمارة.

وقالت مصادر أمنية وشهود عيان إن قائد الشرطة في مديرية هودن وصحفيا يعمل في قناة تلفزيونية محلية من بين القتلى.

وأضاف الشهود أن الانفجار استهدف وزارة التربية والتعليم العالي في مدينة مقديشو، كما ذكرت مصادر طبية للجزيرة أن نحو 20 مصابا وصلوا إلى مستشفى دِجْفِير جنوب مقديشو.

وكثيرا ما تستهدف الشباب العاصمة بهجمات على مواقع بارزة تبدأ بتفجيرات ثم الاشتباك مع قوات الأمن. وكانت الجماعة قد اقتحمت مقر وزارة التعليم في عام 2015.

وقع الهجوم الجديد عند تقاطع زوبي، الذي كان مسرحا لانفجار ضخم لحركة الشباب في عام 2017 أسفر عن مقتل أكثر من 587 شخصا.

ويأتي تصعيد الشباب للرد على الاستراتيجية الجديدة للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، والتي تستهدف حشد دعم دولي وإقليمي لإطلاق حرب شاملة ضد جماعة الشباب لإضعافها، بالتزامن مع محاولة تجفيف منابع التمويل الرئيسة لها، تمهيداً للدخول في حوار مع الجماعة من مركز القوة، وهو الأمر ذاته الذي أكده رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، والذي لوّح باستعداد حكومته لشن عملية أمنية ضد الشباب، سوف تركز على عدة قرى في جنوب ووسط الصومال.

هجمات مقديشو.. جماعة الشباب تسعى لإجهاض التوافق الوطني والانتفاضة الشعبية ضدها

محاولة لضرب التوافق

هجوم الشباب جاء في اليوم الذي اختتم فيه المؤتمر التشاوري الصومالي، بين الرئيس حسن الشيخ محمود وقيادات الحكومة الفيدرالية رؤساء الولايات بالعاصمة مقديشو، وسط تفاؤل بأن ينعكس التوافق الأخير بينهم حول مكافحة الإرهاب وملفات الاقتصاد وانتخابات الولايات.

وفي كل مرة يسعى فيها المسؤولون الصوماليون للتوافق وإزالة العقبات والخلافات بينهم تحاول جماعة الشباب تكريس المشهد القاتم للإرهاب الذي تنتهجه، لإحباط أي بارقة أمل تلوح في الأفق خصوصاً وأن المؤتمر التشاوري خرج بالعديد من المعطيات التي تدعو للتفاؤل خصوصاً فيما يتعلق بالانفراجة الاقتصادية ومنها التوافق بين المسؤولين، والاستعداد للتنقيب عن النفط والغاز، وعقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وشارك في المؤتمر الذي انعقد الخميس والجمعة، رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، ونائبه صالح أحمد جامع، ورؤساء ولايات بونتلاند سعيد عبد الله دني، وجوبالاند أحمد مدوبي، وجنوب الغرب عبد العزيز لفتاغرين، وغلمدغ أحمد قور قور، وهيرشبيلي علي غودلاوي، ومحافظ إقليم بنادر يوسف حسين جمعالي.

ينعقد المؤتمر التشاوري سنويا بين قيادات الحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات، غير أنه يمكن أن يلتئم شمله مرتين أو ثلاثًا في السنة حسبما تتطلب الأوضاع، وهذه السنة اجتمع عدة مرات، منها في يناير وأغسطس وسبتمبر؛ لبحث ملفات الانتخابات والإرهاب والجفاف.

ومن خلال هجومها المزدوج على وزارة التعليم تحاول الشباب ترهيب الصوماليين من جديد خصوصاً وأن المؤتمر التشاوري الذي عقده الرئيس  يأتي هذه المرة في ظل حملة عسكرية، وانتفاضة شعبية غير مسبوقة ضد الجماعة، كما أنه عكس التوافق بين القيادات في البلاد على توحيد جهود مكافحة الإرهاب، إضافة إلى مناقشته استكمال اتفاقية إطار الأمن القومي.

يهدف المؤتمر إلى التنسيق بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات من جهة وبين الولايات وبعضها من جهةٍ للتوصل إلى رؤية شاملة للتعاون، وتسوية الخلافات حول اقتسام المساعدات الدولية والموارد الطبيعية، وإعادة المصالحة الوطنية.

هجمات مقديشو.. جماعة الشباب تسعى لإجهاض التوافق الوطني والانتفاضة الشعبية ضدها

تباين في وجهات النظر

وتسود حالة من الجدل السياسي في الصومال مؤخراً بسبب ضبابية الموقف حول إمكانية إجراء حوار مع جماعة الشباب لإنهاء سنوات من الصراع في البلاد، لا سيما بعدما أبدى الرئيس حسن شيخ محمود خلال مقابلة له مع صحيفة الإيكونوميست في 5 يونيو/ حزيران الماضي رغبته في بدء الحوار مع الحركة، لكن بعد تحرير المناطق التي تسيطر عليها في وسط وجنوب البلاد، قبل أن تعلن الحركة في 16 من الشهر نفسه، على لسان عبد الرحمن أحمد ورسمي، نائب زعيم الحركة والشهير باسم مهد كرتاي، رفضها للتفاوض مع الحكومة الصومالية وسعيها للإطاحة بالنظام الحاكم.

وكان لفشل السياسية التي انتهجها الرئيس السابق محمد عبد الله “فرماجو” بشأن مواجهة حركة الشباب خلال فترة حكمه الممتدة من عام 2017 حتى عام 2022 دورًا بارزًا في تنامي الدعوات للحوار مع الجماعة

من جهتها  ترى جماعة الشباب في التفاوض مع الحكومة المركزية خسارة لنفوذها المحلي والإقليمي، خاصة في ظل تشككها في نوايا النظام الحاكم الذي قد يتحيّن الفرصة ليقضي عليها.

كما أن خضوعها للحكومة الصومالية قد يؤدي إلى خسارتها للدعم المالي الذي تتلقاه من جهات مختلفة، والذي قد بلغ نحو 180 مليون دولار في عام 2020 وفقًا للتقديرات الأمريكية، والتخلي عن التجارة في بعض الموارد مثل الفحم الذي يدر عليها نحو 40 مليون سنويًّا

في الوقت الذي دعا فيه بعض الصوماليين إلى ضرورة المصالحة مع حركة الشباب وإمكانية دمجها في الحياة السياسية الصومالية، وذلك عقب إخفاق الحكومات المتعاقبة في تحييدها والقضاء عليها خلال السنوات الماضية.