أياد الصفّار رجل أعمال عربي شق طريقه في السويد
- أياد الصفار من أب عراقي وأم سورية
- يتحدث أياد الصفار عن أهمية الاندماج واللغة للوصول إلى النجاح
أتى أياد الصفار للسويد، وهو لا يملك شيئاً إلا سيارة أعطاها له والده قائلاً له: “اذهب، وإن احتجت (للمصاري) بع السيارة، أو ارجع إلى لبنان”.
دخل رجل الأعمال أياد الصفار لغرفة الاجتماعات التي كنت أنتظره فيها، وأطل بابتسامة لطيفة، تبدو عليه البساطة، والتواضع مثل غالبية السويديين.
بدأنا الحديث بسؤاله عن مكان ولادته: “ولدت في سوريا عام 1964، والدتي السورية كانت في زيارة لأهلها عندما جاء وقت المخاض، ولكنها عادت مباشرة إلى لبنان بعد ولادتي، حيث كان والداي يقيمان”.
الصفار من أب عراقي، وأم سورية، بدأت الحرب في لبنان وهو في الثانية عشرة من عمره، وبسبب ظروف الحرب كان من الصعب عليه أن يدرس بشكل منتظم “كنا ننتقل من مكان إلى آخر، وندرس في بيوتنا أو بيوت الآخرين لذلك لم أستطع أن أواظب في دراستي. في عام 1984 ذهبت أنا وأخي إلى السويد، كنت بين التاسعة عشرة، والعشرين من عمري، في البداية عملت في قطف التوت وبيعه، هنا في السويد يمكنك أن تقطف توت من أي مكان بدون أن تدفع شيئاً، كنت أبيعه في السوق المفتوح، ثم بعد ذلك -وبسبب انخفاض العملة اللبنانية- كان من السهل الحصول على سلع منخفضة السعر، كنت أجلب ثياباً من لبنان، وأبيعها في البسطة في السويد. ثم أعطاني صديقي مجموعة من الساعات وقال لي بعها، لم يقل لي ثمنها، وذهبت وبعتها فعلا، وفوجئت عند عودتي للبنان أن ما بعته كان أكثر بكثير من السعر الأصلي، وأنني حققت ربحاً عالياً، فقررت أن أركز في بيع الساعات لأنها صغيرة الحجم، فلم أكن بحاجة لمستودع، ووضعتها في البيت، ثم بعد ذلك فتحت متجراً، وأصبحت تاجر جملة، ثم أصبحت أجلب ساعات من فرنسا أيضا، وأسوّقها في السويد”.
مرت السنوات إلى أن أصبح أياد يمتلك اليوم واحدة من أكبر متاجر الساعات اسمها UR&Penn.
أنا لست خارقًا للعادة وسر نجاحي بسيط جدًا
“أنا أطبق عادلتي وتقاليدي داخل منزلي ولكن خارج منزلي أنا سويدي مئة بالمئة، وفردٌ من المجتمع” يقول أياد أن النجاح مستحيل إن رفض الشخص الاندماج، وأن يكون واحداً من الشعب السويدي
“أنا اؤمن بمقولة (من عاشر قوماً أربعين يوماً صار منهم، أو رحل عنهم) نحن في عاداتنا القبلية القديمة كنا نطبق هذه المقولة، لذلك علينا أن نشكر أصحاب هذه البلد لأنهم استضافونا، وأن نتعلم لغتهم، ونصبح منهم لأننا كعرب التجارة في دمنا، ولدينا مؤهلات كثيرة، فنحن لدينا لغة ثانية، وخبرة أكبر في الحياة، ونعمل بجد”
يكرر أياد أهمية الاندماج واللغة:
“هناك قوانين ليست مكتوبة لن تعرفها إلا إن عاشرت السويديين. إن لم تتحدث السويدية جيداً لن تتطور في عملك، وستشعر وكأنك معاق حركيّاً”.
سألته: ولكن هناك من يقول أن من الصعب مصادقة السويديين؟ يرد أياد: “السويدي بطبعه خجول، ولكن إن بادرت أنت وتحدثت معه، فستكسر هذا الحاجز، يجب أن تأخذ الخطوة الأولى”.
شراء واحد من أكبر المتاجر في السويد
اشترى أياد الصفار مؤخراً 70٪ من متجر اولينز åhlens
تأسست Åhlens في عام 1899 وهي اليوم عبارة عن سلسلة من المتاجر متعددة الأقسام ورائدة في السويد.
“أنا في بداياتي عندما أتيت للسويد كنت فقط أفكر في أن أنجو، وأصارع الحياة، ولكن بعد ذلك أصبحت لدي طموحات، أردت أن أثبت للسويديين أنني قادر على النجاح”.
يكمل أياد حديثه، وهو يستذكر الماضي، وفي عينية نظرة فخر “عندما كنت أدرس اللغة السويدية قالت لنا المعلمة أن في المكانة الأولى من المهاجرين يأتي الأمريكان، ثم يتبعهم البريطانيون، وفي آخر مكانة يأتي العرب ، استفزني ذلك، وقررت أن أثبت نفسي، فنحن من نستطيع أن نثبت لغيرنا بأنهم مخطئون، وبعملنا، وجديتنا سنثبت أننا كعرب في مرتبة أعلى. الفرص مفتوحة للجميع، ولكن هناك من يضع سقفاً فوقه، ويقول لن يختاروني لأنني عربي إلخ. ولكن هذا ليس صحيحاً، لا أحد ضدك.. إن استطعت أنا أن أنجح، فأنت أيضا باستطاعتك أن تنجح.. لا تضع سقفاً لطموحك، اسعَ يا عبدي، وأنا أسعى معك”.
قبل أن أترك أياد الصفار سألته: هل لديك سر للنجاح لتشاركه معنا، فقال “صدقيني لا يوجد سر إلا اللغة، والاندماج مع السويديين، وكما قلت لك سابقاً من عاشر قوماً أربعين يوماً صار منهم أو رحل عنهم، ليس من العيب أن تصبح منهم، وتحتفظ أيضا بما تؤمن به. أنا لست متعلماً، ولا (فهلوياً) فقط لغتي السويدية، واللهجة المتقنة، والتقارب مع السويديين، وطموحي ساعدتني على النجاح، وطالما أنا استطعت فأنت أيضا تستطيع”.
ودَّعت أياد، وأنا أشعر بالفخر أن هناك عربياً وصل لهذه المكانة في السويد، وأثبت أن مكانته كعربي الأصل ليست في آخر القائمة، وإنما في المقدمة.