مبادرة لمحاربة تهميش عمال النظافة
اعترافاً بالمجهودات الجبارة التي يبذلها عمال النظافة، خاصة في عيد الأضحى وما تستدعيه هذه المناسبة من عمل متواصل، قامت جمعية أحلام للتنمية المستدامة النسائية، ومقرها بحي أناسي بمدينة الدار البيضاء المغربية، بتكريم ستة عمال نظافة مكلفين بأحياء مقاطعة سيدي مؤمن.
جرى التكريم بمكتب الجمعية على الساعة الحادية عشرة والنصف صباح يوم السبت 24 تمو/ يوليو الجاري (2021)، لهؤلاء العمال التابعين لشركة Averda المكلفة بقطاع النظافة بالدار البيضاء. وحصل العمال على شهادة تقديرية جماعية وورود، تعبيرًا عن شكر وامتنان المجتمع المدني على العمل الشاق الذي يقومون به لفائدة الصالح العام.
كما حرصت رئيسة الجمعية وعضوتان بها على تقديم إفطار جماعي للعمال بعيدًا عن أجواء العمل المتعبة. هذه الالتفاتة الإنسانية التي تعد الأولى من نوعها لفائدة عمال النظافة بسيدي مؤمن، تأتي في إطار محاربة التهميش والإقصاء الذي يتعرض له هؤلاء العمال من طرف المجتمع.
صعوبات مهنية وضغوطات نفسية تواجه العمال
في هذا السياق، أكدت هاجر حدوش، رئيسة جمعية أحلام للتنمية المستدامة، لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في المغرب هدى لبهالة أن عمال النظافة يواجهون جملة من الصعوبات المهنية والضغوطات النفسية التي تشكل نظرة المجتمع القاسية النسبة الأكبر فيها.
هذا الأمر يستدعي، حسب حدوش، تدخل المجتمع المدني لرد الاعتبار لهذه الفئة العمالية التي لها دور جد فعال وأساسي، ولا يمكن للمواطنين أينما تواجدوا الاستغناء عن خدماتها، مؤكدة أن قيمة الناس ليست في مناصبهم وإنما فيما يقدمونه.
وعن بوادر فكرة التكريم، قالت حدوش إنه، وفي إطار حملة التوعية والتحسيس بمخاطر فيروس كورونا وضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية المفروضة التي قامت بها الجمعية قبل أيام من عيد الأضحى، تم اغتنام الحملة لتوعية سكان سيدي مؤمن بأهمية النظافة خلال يوم عيد الأضحى.
ذكرت رئيسة الجمعية كذلك أن هذه التوعية تمت عن طريق توزيع أكياس بلاستيكية من الحجم الكبير لاستخدامها يوم العيد، إلى جانب منشورات تضم مجموعة من التوصيات، بما فيها وضع الأزبال داخل الحاويات والإبقاء على الأزقة والأحياء نظيفة.
وقالت هاجر حدوش، “هذه الحملة دفعتني رفقة عضوتي الجمعية إلى التفكير في تكريم عمال النظافة المشرفين على أحياء مقاطعة سيدي مؤمن، نظرًا للمجهودات المضاعفة والمسؤولية الملقاة على عاتقهم خلال عيد الأضحى الذي يمضونه في خدمتنا وإبقاء محيطنا نظيفًا، ويُحرمون إثر ذلك من قضاء أجواء العيد مع أسرهم كباقي الأشخاص العاديين”.
وبينت حدوش أن فكرة التكريم التي طرحتها على مدير شركة Averda قبل حلول العيد لقيت إعجابه، وتم التنسيق معه على يوم وتوقيت التكريم،. فيما كان العمال الست الذين تمكنوا من الحضور سعداء للغاية بالالتفاتة، وشعروا بالفخر إزاء العمل الذي يقومون به.
شكّل التكريم، حسب رئيسة جمعية أحلام للتنمية المستدامة، فرصة تواصلية لتسليط الضوء على معاناة عامل النظافة التي لا يستشعرها معظم الناس خصوصًا في المناسبات كعيد الأضحى، وهذا ما اكتشفته هاجر رفقة كاتبة الجمعية ومدبرة الشق المالي خلال النقاش مع عمال النظافة الذين تم تكريمهم.
ضرورة توعية المجتمع حول رمي النفايات
وقالت هاجر لمراسلة “تطبيق خبّر” إن العمال الحاضرين إلى التكريم أوضحوا أن العمل خلال عيد الأضحى يكون شاقًا مقارنة مع الأيام العادية، وهذا راجع بالأساس إلى سوء التدبير من طرف السكان وعدم تعاونهم، ورمي الأزبال التي أفرزها تنظيف الأضاحي في أماكن غير مخصصة لها وبعيدة عن مكان الحاويات.
كما ساهم تباعد فترات ذبح الأضاحي بين أسرة وأخرى في جعل عملهم ممتدًا على مدار اليوم وأيضا لساعات متأخرة من الليل. وأضافت أن العمال المكرمين تحدثوا كذلك عن أنواع المخاطر والأمراض التي يتعرض لها معظمهم، كأمراض الربو وضيق التنفس وحساسية العيون التي تسببها روائح النفايات.
وبالرغم من ارتدائهم لقفازات واقية، فإن العمل اليومي لعمال النظافة حسب ما صرح به العمال الست، لا يخلو من حوادث جسدية، كالإصابة بجروح خطيرة بسبب شفرات الحلاقة أو السكاكين الحادة المنكسرة أو قطع الزجاج التي تكون موضوعة بشكل عشوائي داخل أكياس القمامة أو وسط الأزبال داخل الحاويات.
وحسبما نقلت عنهم، فإن العمال قالوا كذلك إنهم إلى يعانون من ضغوطات نفسية وإحساس بالإقصاء الاجتماعي يصعب التخلص منه على المدى القريب، نتيجة نظرة الآخرين لهم وطريقة تعاملهم معهم، آملين تكرار هذا النوع من الالتفاتات وإشراك المواطنين في إبقاء الأماكن العمومية والأحياء نظيفة من خلال حملات تحسيسية.
بعد الأثر الإيجابي الذي خلفته مبادرة التكريم في نفوس العمال، والتي اعتبرتها رئيسة جمعية أحلام للتنمية المستدامة هاجر حدوش بسيطة جدًا مقارنة مع العمل الشاق الذي يقوم به عمال النظافة، تنوي حدوش تعميم المبادرة مستقبلًا وتكريم عمال آخرين من مقاطعات أخرى وإسعادهم بجوائز رمزية ومادية أيضًا، والقيام بالمزيد من حملات التوعية لمساعدة عمال النظافة في أداء مهمتهم على أكمل وجه.