أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢٠ إلى ٢٦ فبراير ٢٠٢٣. في عناوين هذا الأسبوع:
- كتاب جديد لسنثيا فرحات يتحدث عن علاقة عضوية تربط الإخوان بثورة الخميني
- لماذا يُذكّر الجهاديون في الشام بفشلهم؟ ”فك الارتباط“ وتراجع القاعدة في الشام، من المسؤول؟
- هل تتحضر هيئة تحرير الشام إلى إعلانها حاكماً فعلياً في شمال سوريا؟
سنثيا فرحات ستكون ضيفة الأسبوع. هي خبيرة في مكافحة الإرهاب، زميلة في Middle East Forum منتدى الشرق الأوسط. صدر لها العام الماضي كتاب The Secret Apparatus: The Muslim Brotherhood’s Industry of Death: الجهاز السري: صناعة الموت في الإخوان المسلمين.
الإخوان وملالي إيران .. علاقة عضوية
مع اتساع الجدل حول احتمال أن يكون سيف العدل الزعيم التالي لتنظيم القاعدة بالنظر إلى علاقته الإيرانية، يحاول جهاديون التقليل من هذا الأثر الإيراني باستدعاء حكم الضرورة والعدو المشترك – أمريكا. لكن سلوك تنظيم القاعدة في منطقة حيوية تتقاطع مع النفوذ الإيراني مثل اليمن تُظهر أن نتيجة أفعال القاعدة تخدم إيران حصراً.
في أخبار الآن، كتب الصحفي اليمني عاصم الصبري عن انتقال ابن لسيف العدل إلى اليمن ليعمل قريباً من خالد باطرفي زعيم التنظيم.
العلاقة بين القاعدة وإيران من خلال سيف العدل موثقة في سلسلة ”متلازمة طهران“ التي يمكن الاستماع إليها الآن بودكاست على أخبار الآن.
ونلتقي اليوم بالأستاذة سنثيا فرحات التي تحدثنا عن عن العلاقة المتجذرة بين التنظيم الأم للقاعدة، جماعة الإخوان المسلمين، ونظام الملالي في طهران.
لماذا تراجعت القاعدة في الشام؟
نشر أنصار القاعدة على التلغرام ملخصاً لما ورد في كتاب ”شذرات من تاريخ القاعدة“ للقيادي في قاعدة اليمن خبيب السوداني والصادر في سبتمبر ٢٠٢١. الملخص بعنوان ”دعوات فك الارتباط“ يتحدث عن انشقاق داعش وجبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حالياً).
نقرأ في الملخص أن القاعدة هي راعية الجهاد في العالم؛ لكن رغم ذلك لم تستطع أن تكسب جميع الجماعات ”الجهادية“ إلى صفها. وفي هذا علامة استفهام. فنقرأ أن دعوة أسامة بن لادن ”رغم قوة حجيتها بتوحيد الجهود لمواجهة أمريكا (لم تلق) آذاناً صاغية .. بل والأدهى من ذلك أن صار بعض المحسوبين على الجهاد يدعون أفرع القاعدة إلى فك ارتباطها بالقاعدة. ”
وهنا نأتي إلى مربط الفرس. المراد من هذا المختصر هو أن ”المجتمع الدولي“ يسعى إلى زرع خلافات بين القاعدة المركزية والتنظيمات القطرية أو الفرعية بحيث ”يسلخها“ عن ”حاضنتها الشعبية“ بدعوى ”فك الارتباط؛“ بدليل ما وقع في العراق والشام وتحديداً مع جبهة النصرة/ النسخة الأولى من هيئة تحرير الشام.
في ٢٠١٦، أعلنت جبهة النصرة فك الارتباط التنظيمي مع القاعدة واتخذت مسمى ”جبهة فتح الشام“ ما أدى في نهاية الأمر إلى انحسار القاعدة في الشام ممثلة بتنظيم حراس الدين.
المشكلة في هذا السردية هو أنها ترد تراجع القاعدة إلى ”فك الارتباط“ باعتباره خيانة أو عمالة وهذا ليس دقيقاً. تراجع القاعدة في العراق والشام جاء لسوء إدارة وخلل بنيوي يتكرر مع هذه التنظيمات الجهادية. فإذا عدنا إلى الانقلاب الأول على القاعدة الذي قاده داعش، سنجد أن زعيم القاعدة أيمن الظواهري مسؤول عن جزء كبير من التناحر الذي وقع عندما انحاز إلى الجولاني زعيم جبهة النصرة آنذاك على حساب أبي بكر البغدادي زعيم القاعدة في العراق، بالرغم من أن الجولاني كان تابعاً للبغدادي.
أما الانقلاب الثاني الذي قاده الجولاني وهو ما عُرف بـ ”فك الارتباط،“ فقد شابه لغط وتخبط. على سبيل المثال، نجد أن منظر الجهادية هاني السباعي لم ير في فك الارتباط في ذلك الوقت مشكلة بحسب الرواية التي فهمها وهو رجل يفترض به أن يكون مطلعاً. في خطبة جمعة في يوليو ٢٠١٦، قال: ”هذا تصوري لما حدث بين القاعدة والنصرة … أنهما اتفقا نتيجة الضغوط الشديدة … رعاية للمصالح حتى تخفف روسيا وأمريكا الضغط … اتفق الطرفان اللذان عقدا العقد في التحلل من البيعة. هل هذا جائز شرعاً؟ نعم. وهذا ما قالوه. مندوب القاعدة … أعطاهم الضوء الأخضر عندما قال أنتم في حل من البيعة.“
وسنجد الشيئ ذاته إذا عدنا إلى شهادة أبي القسام الأردني، خالد العاروري، صهر الزرقاوي الذي كان عاد تواً من إيران. في البداية وافق رجالات القاعدة في الشام على فك الارتباط وكانوا يعتبرون أنهم كفرع لهم صلاحية لاتخاذ قرار حلّ البيعة نظراً لتعذر التواصل مع المركز في ذلك الوقت. ظل الحال هكذا إلى أن وصلهم خبر أن التواصل كان ممكناً. وهنا جاءت إشكالية أخرى. فمن كان المعني بالتواصل مع المركز: الظواهري وسيف العدل؟ وإلى من كانت ترد الرسائل والردود؟ وأين موقع رجالات القاعدة في الشام من هذا التواصل؟
وليذكر أنصار القاعدة أيضاً أنه بعد ذلك التاريخ، تشكل تنظيم حراس الدين في ٢٠١٨، وظل يتعاون مع الهيئة رغم كل شيئ ما قاد إلى انشقاق كبير تزعمه شخوص مثل أبي ذر المصري وأبي يحيى الجزائري. حتى إن عدنان حديد، الكاتب الموالي للقاعدة، انتقد هذا السلوك في بحثه المنشور في يوليو ٢٠٢٠ بعنوان ”بين الشيشان والشام .. دروس وعبر“
وقال: ”وتوالت الاغتيالات لمن أعطوا الغطاء الشرعي -عن حسن نية- لنكث البيعة دون حراك فاعل من القيادة (أي القاعدة)… دون وجود استراتيجية محكمة للتعامل مع الوضع حتى تجذر الباطل بجذور عميقة أرجعت المشروع الجهادي في الشام سنين إلى الوراء.”
هتش: إلى الشمال عُد!
بالرغم من انشغال العالم بتبعات زلزلال ٦ فبراير، توجهت هيئة تحرير الشام مجدداً إلى الشمال حيث المناطق الخاضعة، نظرياً، لسيطرة الجيش الوطني السوري التابع للمعارضة المدعومة من تركيا.
في ٢٤ فبراير، وردت أنباء أن قوات تابعة للهيئة اقتحمت معسكر الطلائع في كفرجنة في ريف حلب الشمالي، ما استدعى استنفاراً في الفيلق الثالث التابع للوطني. إلا أن بقاءهم لم يطل حيث تواترت أنباء عن أن تركيا طلبت منهم الانسحاب. فانحازوا اليوم التالي إلى عفرين التي يبدو أنهم لم يغادروها قط بعد مغامرة صيف العام الماضي.
المعارض عصام خطيب وصف استجابة الهيئة للأوامر التركية بـ: ”تعال تعال روح روح.“
وهنا لفتت تغريدة لـ علاء فحام أبي العز أريحا القيادي في الفيلق الثالث. كتب بالإنجليزية أن الهيئة باتت تسيطر على جنديريس وعفرين؛ وإنهم سيتصرفون حيال الأكراد والأقليات في المنطقة كما تصرف معهم داعش: بالاعتداء والخطف. وأضاف القيادي المنشق عن حركة أحرار الشام فرع حسن صوفان الموالي للهيئة وقال: ”الحية لا تستطيع أن تخفي سمها وهذا هو ما ينتظر سكان جنديريس وعفرين تحت سيطرة الهيئة.“
من الردود على تغريدة فحام، كتب متابع: ”يبدو قرب الكنس“ بالإشارة إلى احتمال أن تخلو المنطقة للهيئة. فيما تساءل آخر ساخراً إن كان يُفهم من التغريدة أن وضع الأكراد اليوم في مناطق الجيش الوطني أفضل حالاً مما سيكون عليه تحت سيطرة الهيئة.
سبق هذه الحملة، تشكل تجمع عسكري جديد في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون. في ٣ فبراير، أعلن عن تشكل ”تجمع الشهباء العسكري“ من كتائب انشقت عن لواء عاصفة الشمال المنضوية تحت الفيلق الثالث وتحديداً الجبهة الشامية. هؤلاء هم: أحرار التوحيد بزعامة حسين العساف حجي تل رفعت، وجزء من حركة نور الدين الزنكي بزعامة أحمد رزق وجزء من القطاع الشرقي لأحرار الشام.
في بيان الإعلان، ظهر ممثلو الكتائب الثلاثة وخلفهم لوحة كُتب عليها ”الجيش الوطني السوري.“ لكن الجيش الوطني نفى الاعتراف بالتجمع. كما نفى الصلةَ بهم شق أحرار الشام الذي يقوده أبو سليمان الحموي. أما معرفات الجبهة الشامية، فوصفت التشكيل الجديد بأنه ”حصان طروادة جديد يَسرجه الجولاني.“
إدلب: استنزاف ”المهاجرين“
مساء يوم ٢٤ فبراير، وردت أنباء عن أن طيران التحالف قصف هدفاً على طريق قاح شمال إدلب.
خلال الساعتين التاليتين، تواترت الأنباء من المنطقة دون حسم هوية المستهدف؛ إذ نشر الناشطون صورة لقتيل قالوا إنه يُدعى أبو عبادة؛ وفي رواية أخرى أبو عبيدة. أحدهم قال إنه مهاجر عراقي. آخر قال إنه ينتمي إلى حراس الدين. فيما أشار آخر إلى أنه مستقل. لكن غيره قال إن التنظيمات المستقلة في المنطقة ليس فيها شخص بهذا الاسم.
في اليوم التالي، نقل حساب مزمجر الثورة السورية أن الهدف كان مهاجرين مستقلين كانا في اجتماع في سرمدا مع أبي ماريا القحطاني القيادي في هيئة تحرير الشام.
لفت في هذا الخبر أمران. أولاً، اعتقلت هيئة تحرير الشام إعلاميين أثناء تغطيتهم موقع الاستهداف. وثانياً، كانت الهيئة قبل يوم شنت حملة اعتقالات واسعة في المنطقة نفسها، القاح، طالت مهاجرين من جنسيات مختلفة.
من هو الداعشي حمزة الحمصي؟!
منتصف فبراير كان قاسياً على داعش في شمال سوريا، اذ نجح التحالف في استهداف خلايا التنظيم بالقتل والأسر. خلال أيام، أعلن عن أسر المدعو ”بتار“ وقتل إبراهيم القحطاني وأبي حمزة الحمصي وهذا الأخير وُصف بأنه قيادي في ولاية الشام.
لكن صحفية النبأ الصادرة عن ديوان الإعلام المركزي في التنظيم في عددها ٣٧٩ الصادر يوم الخميس ٢٣ فبراير رأت أن تتحدث حصراً عن الحمصي فتنفي أن يكون الرجل قيادياً وتصفه بـ ”الجندي“ مكذبة البيان الأمريكي. فلماذا تفرد النبأ هذه الزاوية لنفي هوية الحمصي؟
حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي، المتخصص في كشف خبايا التنظيم، يرى أن ثمة ”اختراقات عميقة“ في كيان التنظيم وجهازه الأمني بالنظر إلى هذه الاستهدافات الأخيرة. وقال: ”نكاد نجزم أن ما يقلق الأمراء هذه الأيام هو جاهزية المعتقلين للإدلاء بالاعترافات عن عملهم في التنظيم وعن امرائهم وتكليفاتهم.“
لكنهم توقفوا عند كلام النبأ وعلّقوا: ” ”ما لم ينتبه له كاتب مقال النبأ هو أن تكذيب الرواية الأمريكية حول هذه العملية تحديداً دون غيرها هو في حد ذاته تأكيد لكل الروايات التي نشرتها أمريكا حول هويات وحيثيات مقتل العديد من قادة التنظيم، ونذكر على سبيل المثال حجي تيسير والأخوين ماهر وفايز العقال مروراً بعبد الله قرداش وانتهاء بسيف بغداد. فلماذا تكذيب هذه والسكوت عن ما سلفها؟“