أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نستعرض فيها أهم الأحداث التي غطيناها في العام ٢٠٢٢. عناوين هذا الجزء الأول:
- في ٢٠٢٢، استهداف غير مسبوق لرؤوس القاعدة وداعش؛ فهل انتقلت قيادة الإرهاب إلى جيل جديد مجهول؟
- وكيف يواجه أنصار التنظيمين إشكالية ”البيعة“ لمجهول الهوية ومجهول المصير
- بروز حقاني عقبة في وجه الأفغان تحت حكم طالبان
- وصراع غير مسبوق بين داعش والقاعدة في إفريقيا
في هذه الحلقة، نستعيد مقابلات مع:
- مروان شحادة عن أفول القاعدة
- حسن أبو هنية عن متلازمة طهران
- حسن سالم بن سالم عن طالبان حقاني
- نيلي لحود عن علاقة القاعدة وطالبان
- كول بنزل و رائد الحامد عن تساقط قيادات داعش
- ومحمد أغ اسماعيل عن صراع الجهاديين على إفريقيا
رأس القاعدة وداعش
شهد العام ٢٠٢٢ استهداف قيادات القاعدة وداعش بشكل غير مسبوق ليس فقط على مستوى الصف الأول، وإنما على مستوى القيادة.
أيمن الظواهري، أمير تنظيم القاعدة والجهادي المخضرم قُتل في كابول في ٣١ يوليو ٢٠٢٢، ولمّا تعلن القاعدة خليفته.
داعش خسر خليفتين ونائباً: أبا إبراهيم وأبا الحسن وأبا حمزة وعيّنت أبا الحسين خليفة.
ما يحدث في قمة هرم هذين التنظيمين يشكل معضلتين. الأولى، شرعية من حيث البيعة وبالتالي مشروعية وجود هذين التنظيمين وما يمارسانه من قتل وترهيب. والثانية، أخلاقية من حيث علاقة هذين التنظيمين بالمحيط من حلفاء وأعداء.
القاعدة: قطع الرأس وتخبط الأطراف
في اليوم الأخير من يوليو ٢٠٢٢، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن القوات الأمريكية تمكنت من قتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في منزل كان يقيم فيه في الحي الدبلوماسي من العاصمة الأفغانية كابول.
حكومة طالبان لا تزال تشكك في الرواية الأمريكية وتقول: ”لا معلومات لدينا عن وصول أيمن الظواهري إلى كابول أو أقامته فيها.“
قتل الظواهري كشف عن إشكاليات حول علاقة القاعدة بذاتها، وعلاقتها بالآخرين وخاصة طالبان.
القاعدة كما نعرفها انتهت!
خمسة أشهر مرت ولما يحسم إعلام القاعدة مصير الظواهري حياً كان أم ميتاً. فلا يزال الإعلام المركزي منسلخاً عن الواقع بإعادة تدوير تسجيلات للظواهري وتقديمها على أنها ”جديد؛“ على نحو ما رأينا في التسجيل الأخير ”شهداء الهند تحت راية النبي“ الذي تضمن مقاطع صوتية للظواهري أغلب الظن أنها مسترجعة من جلسة تسجيل سلسلة ”احمل سلاح الشهيد“ في ٢٠١٧. وفي أخبار الآن، مقال عن هاتين السلسلتين.
فماذا يعني قتل الظواهري، آخر الكبار؟
في أغسطس ٢٠٢٢، وفي الحلقة ١٥١ من هذا البرنامج، تحدثت إلى الدكتور مروان شحادة، الذي واكب تاريخ الأفغان العرب.
يقول الدكتور مروان: ”قلتُ قبل أكثر من عام أن زمن القاعدة ولى. أعتقد أن القاعدة تنظيمياً وحركياً وحتى اسماً ستذوب وتتحول إلى جماعة جديدة … القيادة الجديدة قد لن تعلن عن الخليفة وقد تكتفي بتعيينه في بيان داخلي على أن تندمج في تحالفات إقليمية لأن القاعدة أدركت أنها تضررت من الاستراتيجية العالمية في الحرب على الإرهاب.“
متلازمة طهران
إذاً، لماذا لا تعلن القاعدة عن مصير الرجل؟ إن كان حياً، فهي بذلك تحرج أمريكا وتخفف الضغط عن طالبان المتهمين بنكث اتفاق الدوحة الذي ينص صراحة على أن طالبان يتعهدون بعدم إيواء أي من القاعدة.
وإن كان ميتاً، فمن يقود التنظيم الآن، قيادة على الأقل روحية بموجب حكم البيعة الذي التزموا هم به في أدبياتهم ومعاشهم ومماتهم؟
قائمة ”رجالات الحرس القديم“ في القاعدة قصيرة جداً جداً. فمن هو المرشح لخلافة الظواهري؟
يبرز اسم سيف العدل. لكن هذا الاسم إشكالي بحكم علاقته بإيران. فريق أخبار الآن أنتج سلسلة ”متلازمة طهران“ في العام ٢٠٢٢ وفيها وثائق من أرشيف القاعدة عن تورط سيف العدل مع حكم الملالي وكيف يؤثر صهره مصطفى حامد أبو الوليد على سلوك التنظيم.
لماذا علاقة إيران بالقاعدة إشكالية متجددة؟ في أغسطس ٢٠٢٢، وفي الحلقة ١٥١ من هذا البرنامج، تحدثت إلى حسن أبو هنية الذي أرخ للحركات الجهادية والإسلامية في المنطقة.
يقول أبو هنية: ”تاريخياً لم يكن هناك مشكلة بين القاعدة وإيران لأن الجامع الاستراتيجي بينهم كان معادة الأنظمة العربية وأمريكا وإسرائيل. لكن الآن إيران لا تعتبر أمريكا عدواً بل خصم سياسي أما العدو بالنسبة لإيران فهم السنة. تغيرت إيران وتغيرت القاعدة فسيجد أنصار القاعدة صعوبة في مبايعة سيف العدل.“
طالبان x حقاني
قتل الظواهري كشف عن علاقة شائكة بين القاعدة وطالبان. وحتى علاقة شائكة داخل طالبان.
فهل خان طالبان الظواهري واستدرجوه إلى حتفه؟ أم خان بعضهم بعضاً؟ والمقصود هنا جناح حقاني المتنفذ في طالبان والمقرب من القاعدة. هل آووا الظواهري من دون علم الجناح الآخر الذي يمثله الملا برادار مهندس اتفاق الدوحة؟
في ٢٠٢٢، برز تيار حقاني عقبة في طريق الشعب الأفغاني الذي وجد نفسه مرة أخرى تحت حكم طالبان. من طالبان من يريد أن يكون جزءاً من العالم، لكن إرهاب جماعة حقاني ومن ذلك صلتهم بالقاعدة لا يعطيهم مجالاً للحركة، إن صدقوا. في هذا ملف كامل في أخبار الآن.
عن نفوذ حقاني ودعمه القاعدة، تحدثت في هذه المسألة مع الدكتور حسن سالم بن سالم الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة في الحلقة ١٥٢.
يقول بن سالم: ”سراج الدين حقاني استفاد من تجربة والده جلال الدين حقاني في التعامل مع هذه الجماعات. كان لديه قدرة فائقة للتعاون التكتيكي مع الجماعات المختلفة على الأرض. كان في ظل تلك التحالفات يدرك عقبات تلك التحالفات في الداخل والخارج. كان يدرك الضرر الذي قد يلحق جماعته. فكان يجعل شبكته ضمن كيان آخر. في الثمانينيات، كان حقاني يستطيع الاستقلال بجماعته، لكنه ظل تحت يونس خالص ثم ضمن طالبان. في المقابل كان يستقل مالياً وعملياتياً. وهكذا كان ينسق مع هذه المجموعات دون أن يكون متورطاً في عمل إرهابي يمس المجتمع الدولي. لا يُمسك عليه ممسك في هذه الهجمات.“
هل من معتبر؟!
وهكذا يجتهد طالبان، أو بعضهم، في النأي بأنفسهم عن القاعدة. هذا العام قالوا صراحة إنهم لا يرحبون بالمقاتلين الأجانب على أراضيهم. الأهم هو ما قاله لنا جهادي من الأفغان العرب في مقابلة أجريتها معه في أغسطس ٢٠٢٢، ضمن الحلقة ١٥٦ من هذا البرنامج.
يقول المقاتل الذي يشير إلى نفسه بلقب أبو حنظلة إنهم كانوا يتوقعون خيراً بعودة طالبان إلى الحكم. ”لكن ما وجدنا شيئاً من هذا القبيل لأن الإمارة الإسلامية وعامة الناس في أفغانستان تضرروا كثيراً وما أرادوا تكرار التجربة والخطأ كما فعلوا في الماضي عندما آووا المهاجرين. لم يأذنوا لن بالبقاء هنا ولا يريدون أحداً منا هنا.“
طالبان x القاعدة
رغم كل هذا، لا يزال الجهاديون من أنصار القاعدة ينظرون إلى طالبان على أنها نموذج ”جهادي“ يُحتذى. وما انفكوا يبررون لهم سلوكهم بدءاً بقطع العلاقة التنظيمية مع القاعدة والقعود عن الجهاد العالمي الذي بشر به أسامة بن لادن. إلى تواصلهم مع دول إشكالية وسعيهم إلى مقعد في الأمم المتحدة. إلى أي درجة هذه الحماسة حقيقية؟
في أكتوبر ٢٠٢٢، وفي الحلقة ١٦٣ من هذا البرنامج، تحدثت إلى الدكتورة نيلي لحود، المحاضرة في كلية الحرب الأمريكية، وأول من درس الوثائق المسترجعة من أبوت أباد.
تقول الدكتورة نيلي إن العلاقة بين طالبان والقاعدة بدأت تتجه نحو الاسوا في ٢٠٠٤. وتستعرض رسائل متبادلة بين أسامة بن لادن والظواهري يتحدثان فيها عن تيارين ضمن طالبان: التيار الصادق الذي يمثله الملا عمر، والتيار المهادن ”الخائن“ الذي يقبل الجلوس مع الأمريكيين والباكستانيين. ويعتبران أن هذا التيار هو ISI أي استخبارات باكستانية.
وفي رسالة يوصي أسامة بن لادن الظواهري اتخاذ ما يلزم لتقوية التيار ”الصادق،“ وإضعاف التيار ”المهادن.“
تساقط رؤوس داعش
في فبراير ٢٠٢٢، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن التحالف قتل خليفة داعش المزعوم أبي أبراهيم الهاشمي القرشي الذي نعرفه باسم حجي عبدالله قرداش؛ وذلك في إنزال جوي وقع في المنطقة الممتدة من أطمة إلى دير بلوط أقصى شمال غرب سوريا.
وفي ١٠ مارس في كلمة صوتية بثها إعلام داعش الرسمي، أعلن التنظيم عن خليفة جديد هو أبو الحسن الهاشمي القرشي.
الكلمة الصوتية ألقاها أبو عمر المهاجر الذي قدم له إعلام داعش بأنه المتحدث باسم التنظيم. أبو عمر لم يؤكد وحسب قتل أبي إبراهيم بل أيضاً قتل أبي حمزة المهاجر المتحدث السابق باسم التنظيم.
في ذلك الوقت، بدأ فريق أخبار الآن البحث في احتمال أن يكون أبو حمزة قتل فعلاً ولكن ليس في أطمة في فبراير وإنما في جرابلس قبل ذلك بأربعة أشهر.
فعلاً، في مايو، كشفت ”قناة فضح عبّاد البغدادي والهاشمي“ – التي نعتقد أنها تتألف من عناصر سابقين في داعش – أن أبا حمزة قُتل في جرابلس في نوفمبر ٢٠٢١.
فإلى أي درجة يمكن لهذا التنظيم أن يستمر في خداع أنصاره والتغطية على مفاصل مهمة في القيادة؟ تحدثت إلى الدكتور كول بنزل، الباحث في معهد هوفر التابع لجامعة ستانفورد الأمريكية. ومحرر موقع جهاديكا الشهير في الحلقة ١٤٢.
يقول الدكتور بنزل: ”مذهل أنهم انتظروا ٤ أشهر قبل الإعلان عن قتل المتحدث. ثمة وجهتا نظر. لم يكذبوا حرفياً عندما أعلنوا في ١٠ /٣ قتل أبي حمزة والخليفة أبي إبراهيم. لم يقولوا إنهما قُتلا بنفس العملية وإنما بالأيام الماضية وهذا غامض. لذا، قد يجدون مخرجاً من الكذب. عجيب أنهم لم يؤكدوا قتله علناً ولكن أظن أنهم سيفعلون لاحقاً. المتحدث منصب مهم لا يستطيع أي داعش توليه. عليه إتقان العربية فهو صوت الخلافة في الأرض. لذا أعتقد أنهم أجروا مفاوضات لتحديد خليفة المتحدث
وقد يكون هذا سبب تأخر إعلان قتل الخليفة. بعد أكثر من شهر أعلنوا ذلك في بيان المتحدث الجديد أبو عمر المهاجر
أمر غريب حقاً. يدلل أيضاً على بعض الخلل في صفوف التنظيم العليا. وإدارتهم انتقال القيادة. واضح أنه أمر يستغرق أكثر من أيام.“
وفي نفس الشهر، مايو ٢٠٢٢، وردت أنباء من تركيا أن السلطات هناك اعتقلت قيادياً رفيعاً في داعش تبين لاحقاً أنه بشار خطاب غزال الصميدعي (حجي زيد) عضو اللجنة المفوضة وهو الأوفر حظاً بأن يكون الخليفة أبا الحسن. في نوفمبر ٢٠٢٢، نقل الإعلام التركي أن الصميدعي اعترف بأنه الخليفة وأنه تولى المنصب مرغماً.
المشكلة أنه في نفس الشهر، نوفمبر، وللمرة الثانية في عام، أعلن داعش أن خليفته المزعوم أبا الحسن الهاشمي القرشي قتل وأنه تم التوافق على أبي الحسين الحسيني القرشي خليفة آخر.
بعد ساعات من إعلان داعش، كشفت القيادة المركزية الأمريكية (السنتكوم) عن أن خليفة داعش قُتل فعلاً في درعا جنوب سوريا في منتصف أكتوبر ٢٠٢٢ وان الجيش الحر هناك هو من نفذ العملية.
وبعدها توالت التكهنات بأن القتيل كان عبدالرحمن العراقي المعروف باسم سيف بغداد.
فهل كان أبا الحسن هو سيف بغداد؟ ومن قد يكون أبو الحسين؟ هل يتولى قيادة داعش اليوم جيل جديد مغمور؟ اللافت هذه المرة أن الباحثين والمتتبعين لتطور التنظيم لم يعودوا يبذلون كثير جهد في محاولة كشف هوية الخليفة المزعوم.
تحدثت في هذا مع الباحث العراقي رائد الحامد في الحلقة ١٦٩. يقول الحامد إن التنظيم اليوم بات يميل إلى تعيين أمراء من دون الصف الأول – أمراء غير معروفين من أجل تجنب الملاحقة الأمنية. ويضيف أن قيادة التنظيم أصبحت ”صغيرة في عين الأنصار“ عندما يُقتل الخليفة في مخبئه ويُعتقل آخر وهكذا.
الوجهة … إفريقيا
لكن هذا الضعف في القمة لم يمنع التناحر بين التنظيمين في أكثر المساحات الجهادية حيوية – الساحل الإفريقي. العام ٢٠٢٢ شهد صراعاً محتدماً بين داعش الساحل وفرع القاعدة تحالف نصرة الإسلام والمسلمين في مالي تحديداً – في الشمال والشرق.
ما انفك كل طرف يعلن أنه يحقق انتصارات على الآخر. في المحصلة، ما يجري في مالي هو أن اقتتال داعش والقاعدة الذي تتورط فيه القوات الحكومية تارة ومرتزقة فاغنر الروس تارة أخرى يستهدف الماليين الأبرياء أولاً وأخيراً.
في نوفمبر وفي الحلقة ١٦٥، تحدثت إلى محمد أغ إسماعيل، الباحث في العلوم السياسية، الذي ينتمي إلى الطوارق الماليين.
يصف محمد أغ اسماعيل كيف يقوم مقاتلو داعش ونصرة على حد سواء بحرق محاصيل الفلاحين وقتلهم وسلب أموالهم وتشريدهم.
أهم ما يمكنك الرجوع إليه من تحقيقات ومواد حصرية عن القاعدة وداعش في ٢٠٢٢:
- لماذا لم تعلن القاعدة عن زعيم جديد حتي الآن بعد مقتل الظواهري؟ هذه الرسوم الكاريكاتيرية تشرح القصة.
- شاهد سلسلة متلازمة طهران للتعرف علي معضلة تواجد قادة القاعدة في إيران بتحليل رسائل ووثائق القاعدة نفسها.
- مصير أبو حمزة يبقى أقوى أدلة تخبط وخداع داعش لأنصاره، تعرف على السبب وراء إصرار التنظيم على إخفاء حقيقة ما حدث.
- هل مغادرة سيف العدل لإيران تتيح له قيادة التنظيم؟ أحكم بنفسك من خلال هذا التقرير.
- مصطفى حامد يرسم خططه لمحاولة توجيه جماعة الشباب الصومالية نحو مخططه الخاص برعاية الحرس الثوري الإيراني.
- لماذا تقف شبكة حقاني عائقا أمام المساعدات الدولية لأفغانستان؟ علاقتها مع القاعدة هي الجواب.
- تعرف على قصة سراج الدين حقاني الرجل القوي في أفغانستان والذي يخطط لهيمنة حقاني على مقاليد الحكم في البلاد والإطاحة بمن لا يدين لهم بالولاء.
- علاقة حقاني لم تقتصر علي تنظيم القاعدة، بل امتدت إلى التنسيق مع داعش كما ذكر أحمد سلطان في تقرير خاص.
- تفاصيل مهمة أخرى عن طالبان والشباب وهيئة تحرير الشام في ٢٠٢٢ عبر الجزء الثاني من حصاد المرصد.