أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١٤ إلى ٢٠ فبراير ٢٠٢٢. إلى العناوين:
-
القاعدة تقر بفك الارتباط مع طالبان… تعترف ”بتوقف“ الجهاد من أفغانستان؛ وتتعهد بمواصلة مشروعها العالمي وحيدة
– المقدسي يقول إن الاستدلال بأفعال الملا عمر وبن لادن ”جهالة“
وضيف الأسبوع، الباحث المصري أحمد سيف النصر. يحدثنا عن أثر أبي مصعب السوري في الفكر الجهادي. كيف كان السوري أقرب إلى طالبان من القاعدة، وكيف وصف بن لادن بأنه أصيب بمرض الشاشات
القاعدة تعترف: سنمضي وحدنا
لأول مرة منذ سيطرت طالبان على أفغانستان، بل منذ إبرام اتفاق الدوحة في فبراير ٢٠٢٠، تقر القاعدة بأنها لم تعد وطالبان وحدة واحدة.
طالبان أنجزت ما عليها والقاعدة ستمضي إلى إنجاز ما عليها.
هذا ما نفهمه من افتتاحية العدد السادس من مجلة ”أمة واحدة“ الصادرة عن القاعدة المركزية. في الافتتاحية تبريك لطالبان على دخول كابول الثاني، ونصائح لهم حتى يكونوا قوة عسكرية واقتصادية في المنطقة ويحكموا بالعدل بين ناسهم.
لكن، يلفت في هذه الافتتاحية ثلاثُ مسائل. القاعدة تهنئ زعيم طالبان هيبة الله أخوندزاده بوصفه ”أمير المؤمنين“ من دون ذكر البيعة لا سابقة ولا متجددة.
وكأنهم يدركون أخيراً أن طالبان رفضت بيعتهم.
وللسبب ذاته تقر القاعدة لأول مرة بفك الارتباط مع طالبان بحسب بنود اتفاق الدوحة. في الصفحة ١١، تعترف القاعدة بأن الجهاد ”توقف من أرض أفغانستان؛“ وتتعهد بمواصلته في مناطق ومن مناطق أخرى وبأنها سوف تستكمل ”برنامجها“ العالمي بغير استعانة من أحد.
وثالثاً، لم تشر الافتتاحية إلى أي علاقة تجمع طالبان بالقاعدة بخلاف بيانات سابقة. واكتفت بالإشادة بالملا عمر باعتباره ”مدرسة“ تخرجت القاعدة منها. الافتتاحية أشادت بدلاً من ذلك بالقبائل على الحدود بين باكستان وافغانستان ودورها فيما أنجزته طالبان.
طالبان تقصم القاعدة
إذاً، سلوك طالبان خلال الأشهر الستة الماضية منذ سيطرتها على كابول لا يزال يعمّق الهوة بين أنصار القاعدة فيما بينهم، بينهم وقادة القاعدة، وبين المنظرين والقادة. الاضطراب في المفاهيم وردود الفعل وصل حداً مذهلاً.
نتوقف عند منشورين لأبي محمد المقدسي الذي يعود على تويتر من حسابه ”العتيبي.“ الرجل لا يزال مؤيداً لطالبان لكنه يخشى أن يتحولوا إلى ”حماس“ أخرى: تدخل انتخابات، توالي إيران: تقبل مالهم وتسمي قتلاهم شهداء.
في المنشور الأول، يضع نفسه موضع الناصح؛ ويكتب عن تصريحات طالبان الإعلامية وكيف يتعين عليهم أن يراعوا ”مشاعر المسلمين“ وهم يشكرون الدول التي تقدم لهم المساعدات مثل إيران والصين والهند وغيرها من دول يصفها بـ”أعداء المسلمين“ الذين ”ينكلون“ بالمسلمين سواء من ”الإيغور في الصين أو المسلمين في الهند أو السنة في الشام والعراق وإيران واليمن.“
لنتذكر أن سلوك طالبان تجاه هذه الدول لا يتعلق بتقديمها المساعدات، بل هو سلوك تجاه العالم بشكل عام. طالبان ماضية في تقاربها مع دول العالم والحصول على اعتراف دولي، غير آبهة بما يقول المقدسي وغيره من الأنصار.
الأهم من هذا المنشور، ما كتبه المقدسي بتاريخ ٨ فبراير معلقاً على هذه العلاقة مع العالم. الخلاصة أنه يرفض الاستدلال بأقوال أو أفعال جهاديين مشاهير حتى إن كانوا أسامة بن لادن أو الملا عمر إن خالف ذلك ما يَعتبرُ أنه ”حق وصواب.“ يعني، سعي الملا عمر إلى الانضمام للأمم المتحدة مثلاً لا يُستدل به على صواب الانضمام إلى المنظمة الدولية. الموضوع أعمق من ذلك.
يتألف المنشور من جزئين. الجزء الأول هو مقال طويل لا نعلم من كتبه يحاول كاتبه تفنيد مزاعم داعش بأن طالبان انحرفوا عن نهج الملا عمر. خلاصة المقال أن ما يراه داعش مخالفة شرعية يرتكبها طالبان اليوم هو في الواقع نهج اتبعه الملا عمر في الولاية الأولى للجماعة؛ وأن هذه المخالفة لم تمنع أسامة بن لادن من مبايعة الرجل، ولم تمنع زعماء داعش أنفسهم من مبايعة الجماعة.
يفصل الكاتب هذه المخالفات ويوثقها. ويمكن تلخيصها بأن طالبان في الولاية الأولى قبل الغزو الأمريكي في ٢٠٠١ لم يكفروا أنظمة عربية؛ ولم يسمحوا بشن هجمات ضد الغير من أراضيهم؛ وسعوا إلى الأمم المتحدة؛ ولم ينبذوا الشيعة.
ويخلص الكاتب إلى أنه ”إن كانت تلك المآخذ دليلاً على كفر و عمالة ‘طالبان اليوم‘ ، فهي دليل على كفر و ردة وعمالة ‘طالبان أمس؛‘ بل دليل على كفر و ردة و عمالة كل من كان يوالي ‘طالبان أمس‘ كتنظيم القاعدة زمن أسامة بن لادن و تنظيم الدولة (داعش) زمن أبي عمر البغدادي.“
مرة أخرى، الكاتب معني بفضح ضعف حجة داعش الذين يوالون هذا يوماً ويكفرونه اليوم التالي. لكن، ماذا عن القاعدة قيادة وأنصار؟ أليست حجتهم ضعيفة ذات الضعف؟
وهنا نأتي إلى الجزء الثاني من تغريدة المقدسي. يقول إن ”الاستدلال بفعل .. أسامة (بن لادن) أو الملا عمر أو غيرهم من المشاهير جهالة“ على أساس أنهم ”ليسوا بمعصومين“ عن الخطأ وبالتالي فإن ”معارضة الأدلة الصحيحة بأقوال (هؤلاء) فضلاً عن أفعالهم ضلالة.“
هذه الحوادث الموثقة في المقال مخالفات شرعية وازنة؛ واستخدام المقدسي ألفاظاً مثل ”جهالة“ ومماراة“ استخدام مهم. ماذا يعني هذا لأنصار القاعدة؟ إن هم قبلوا هذه المخالفات فهم مخالفون؛ وإن رفضوها فهم يرفضون زعماءهم الذين يعتدون بهم؟
الظواهري … الغائب الغائب
وهنا نأتي إلى الحلقة الرابعة من سلسلة صفقة القرن التي بثتها ذراع القاعدة الإعلامية السحاب هذا الأسبوع. يخصص كبير القاعدة، الظواهري، هذه الحلقة للحديث عن صفات القيادة التي تنهض بالأمة، يستشهد بصفات رجال مثل الملا عمر وأسامة بن لادن على أساس محاربتهما أمريكا. أين هذا الكلام إذاً مما جاء في منشور المقدسي؟
خليفة داعش الثالث
بعد أيام من إعلان أمريكا أنها قتلت خليفة داعش في إنزال أطمة بتاريخ ٣ فبراير، تناقلت حسابات على تويتر وتلغرام ما قالت إنه بيان منسوب لداعش يُسمّي رجلاً يُدعى ”أبو الحسن الهاشمي القرشي“ خليفة للتنظيم.
لم يحظ البيان بكثير اهتمام نظراً لما نعرفه عن إعلام داعش المركزي المحكم؛ فأي من قنوات داعش الرسمية لم تتطرق إلى إنزال أطمة.
لكن حساباً متخصصاً في كشف مستور ممارسات داعش باسم ”قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي“ قال هذا الأسبوع إن البيان المنسوب إلى ”ولاية الشام“ هو بيان صحيح؛ وإن مصدراً أكد لهم أن التنصيب تمّ ”دون مصادقة من مجلس الشورى.“
ودلل على صحة البيان بأن ”ولاية الشام“ نشرت سابقاً بيانين لقيا رواجاً بين أنصار التنظيم من دون المرور بالديوان المركزي.
في منشور آخر، يرجح هذا الحساب أن أبا الحسن هذا هو حجي زيد، بشار خطاب غزال الصميدعي عضو اللجنة المفوضة.
لا مكان للمهاجرين في إدلب
منذ منتصف الشهر، ومع تأكيد أن مسلم الشيشاني وبضغط من هيئة تحرير الشام حلّ كتيبته ”جنود الشام“ وهي من مجموعات المهاجرين المعتبرة، نقلنا في الحلقة الماضية أن التضييق على ”المهاجرين“ من الجهاديين لا يقتصر على المستقلين وإنما يمتد إلى العاملين في مجموعات تنضوي تحت لواء الهيئة.
هذا الأسبوع، تعاظمت أزمة المهاجرين في إدلب، عندما أبلغت هيئة تحرير الشام عشرات الجهاديين من المهاجرين بضرورة إخلاء منازلهم في إدلب: من هؤلاء جهاديون من المغرب العربي وألبانيا وفرنسا وبلجيكا وحتى مصريين وسعوديين. حساب مزمجر الشام قال إن من المهاجرين من بدأ الاتصال بسفارة بلده من أجل العودة. وعلمنا أن معظم هؤلاء ينتمون إلى المغرب العربي وخاصة مملكة المغرب.
هل الإخلاءات تشمل كل المهاجرين؟ هل تشمل إدلب المدينة وحسب؟ ما تقوله الهيئة يختلف عمّا يُنقل عن المتضررين.
حساب أبو العلاء الشامي وهو جهادي مخضرم نشر قائمة بأسماء ”بعض المهاجرين المستقلين“ الذين أنذروا بإخلاء منازلهم والسكن حصراً خارج المدينة.
لكن حساب أبي يحيى الشامي، وهو طالب علم كان يعمل سابقاً مع الهيئة، نشر رسالة من مهاجر يتضح فيها أن السكن ”خارج المدينة“ مرفوض أيضاً. يقول مهاجر: ”فقلت لهم أنتقل للسكن بالفوعة (شمال شرق إدلب) قالوا لي ممنوع لأنه بعد إخراجكم من المدينة سنخرج المهاجرين من كفريا والفوعة.“
هيئة تحرير الشام نفت أنها تستهدف المهاجرين. المكتب الإعلامي ومن خلال قناة أمجاد التابعة للهيئة، نشر ”توضيحاً“ لقرار الإخلاء. أهم ما فيه أن القرار لا يخص فئة أو جنسية بعينها؛ وإنما يشمل جميع ساكني هذه البيوت وسط إدلب سواء أكان منتسباً لفصيل أم لا وبما في ذلك منتسبو الهيئة؛ وأن قرارات الإخلاء صدرت منذ عدة أشهر؛ وبعضها يتعلق بإشغال ملك عام؛ ومنها ما يتعلق بشكاوى منظورة لدى القضاء. ويختم التوضيح بأن الهيئة ستسعى إلى ”إيجاد بدائل لبعض هذه الشرائح.“
على الطرف الآخر، فند حساب مجاهد تك البنود الواردة في هذا التوضيح. ومما قاله إن الهيئة ”هددت“ المعنيين بكشفهم أمنياً إن رفضوا؛ وإنها ربطت القرار بإجراء تحقيق أمني يكشف فيه المعنيون معلومات تفصيلية عن عائلاتهم وأقاربهم ومحل سكنهم في بلدهم الأم، وتنقلاتهم في الأرض حتى وصلوا إلى إدلب.
ويضيف الحساب أنه تمّ إخطار المعنيين ”بوجوب الخروج خارج الحدود خلال مدة زمنية معينة وليس مجرد الخروج من وسط مدينة إدلب.“