لماذا يختلف سلوك القطط عن الكلاب عندما يهاجم الغرباء أصحابها؟

إذا هاجمك شخص غريب أو عرضك للأذى، فلن يقف كلبك ساكناً ينظر إليه بكل لطف، لكن قطتك لن تتفاعل بنفس الطريقة، فما السبب في ذلك؟

ووفق تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية “BBC“، فإنّ هناك فكرة نمطية قديمة حول الفرق بين القِطط والكلاب. فبينما يقال إن الكلاب محبة وشديدة الوفاء، تعتبر القطط منزوية وباردة العواطف ولا مبالية.

وفعلياً، فإن هذا التنميط يختلف معه معظم محبي القطط، وربما لن يقبلوا به أو يصدقوه. وبشكلٍ عام، تشير الأبحاث التي أجريت عن سلوكيات القطط إلى أن هذه الحيوانات الأليفة تشكل روابط عاطفية مع أصحابها البشر، وهي على ما يبدو تعاني من قلق عند الانفصال عنهم، وتستجيب لأصواتهم أكثر مما تفعل مع الغرباء، وتلجأ إليهم بحثا عن الطمأنينة عند شعورها بالخوف.

غير أنّ دراسة جديدة أجراها باحثون في اليابان تقدم صورة أكثر تعقيداً لعلاقتنا بالقِطط. وباعتماد طريقة استخدمت سابقاً لدراسة سلوك الكلاب، وجد الباحثون أن القطط – على عكس الكلاب – لا تتجنب الغرباء الذين يرفضون مساعدة أصحابها.

ورصدت الدراسة ردود فعل القِطط في تجربة، تشاهد فيها قطة صاحبها وهو يحاول فتح صندوق للوصول إلى شيء بداخله في ظل وجود شخصين غريبين يجلسان إلى جانبه، ثم يلتفت إلى أحدهما ويطلب منه المساعدة.

والهدف هنا تسجيل استجابة القطة في حالتين. ففي تجربة “المساعد”، يقدم الغريب المساعدة لمالك القطة في فتح الصندوق، وفي تجربة “غير المساعد” يرفض الغريب تقديم المساعدة، ويظل جالسا بشكل سلبي لا يفعل شيئا.

وبعد ذلك، يقدم كل من الغريبين للقطة طعاماً مفضلاً لديها، بينما يراقب العلماء رد فعل القطة، واختيارها للشخص الذي ستقترب منه أولا. فهل ستفضل تناول الطعام من الشخص المساعد قبل الشخص السلبي، بشكل يشير إلى تحيز إيجابي وأن مساعدة الشخص الغريب لصاحبها جعلت القطة تشعر بود أكبر تجاهه؟ أم ستتجنب تناول الطعام من الشخص غير المساعد، بشكل يشير إلى تحيز سلبي، أي أن القطة شعرت بعدم ثقة تجاه الشخص الذي لم يساعد مالكها؟.

عندما استخدمت هذه الطريقة لاختبار تفاعل الكلاب، كشفت وجود تحيز سلبي واضح. إذ فضلت الكلاب عدم تناول الطعام من شخص غريب رفض مساعدة صاحبها. في المقابل، كانت القطط غير مبالية تماما. ولم تظهر أي تفضيل للشخص المتعاون، ولا أي تجنب للشخص غير المتعاون. فبالنسبة للقطط على ما يبدو، الطعام هو الطعام، لا أكثر ولا أقل، وهو مرغوب دائماً.

ما الذي يجب أن نفهمه من هذا؟ قد يكون الاستنتاج الأسهل هو أن القطط أنانية، ولا تهتم على الإطلاق بشكل المعاملة التي يتلقاها أصحابها. وعلى الرغم من أن هذا يتوافق مع تصوراتنا المسبقة عن القطط، إلا أنه مثال صارخ على التحيز وإسقاط مفاهيم بشرية عليها، فهو يفسر سلوك القطط كما لو أنها بشر، لكن بحجم صغير وجسم مكسو بالفراء، وليست كائنات أخرى لديها طرق تفكير مميزة خاصة بها.

القطط حساسة تجاه مشاعر البشر

ولكي نفهم القِطط حقاً، علينا الخروج من العقلية المحكومة بمفاهيم الإنسان، والتفكير فيها كقطط، فقط لا غير. وعندما نفعل ذلك، سندرك أن ما اعتبرناه دليلا على أنانية القطط في هذه الدراسة، مصدره على الأرجح أنها لم تكن قادرة على التقاط التفاعلات الاجتماعية بين البشر. فالقطط لم تدرك أصلا أن بعض الغرباء كانوا غير لطيفين أو متعاونين مع أصحابها.

ورغم أن القِطط قادرة على التقاط بعض الإشارات الاجتماعية البشرية، إذ يمكن لها اتباع توجيهات من البشر، كما أنها حساسة تجاه مشاعرهم، فهي على الأرجح أقل تناغما واندماجا في علاقاتنا الاجتماعية، من الكلاب.

وفي الوقت نفسه، يعتبر تاريخ تدجين القطط حديث نسبيا، والتغيرات التي تركها التدجين على طباعها أقل بكثير مما جرى مع الكلاب. وفي حين أن الكلاب تنحدر من حيوانات اجتماعية تعيش ضمن قطعان، فإن أسلاف القطط كانوا في الأصل يصطادون فرائسهم بشكل فردي. ومن المحتمل أن التدجين نمّى المهارات الاجتماعية الموجودة أصلا لدى الكلاب، لكنه ربما لم يفعل الشيء نفسه بالنسبة للقطط، التي كانت أقل وعيا من الناحية الاجتماعية. لذا ينبغي ألا نتسرع في استنتاج أن قططنا الأليفة غير معنية بما إذا كان الناس يعاملوننا بطريقة سلبية أم لا. والاحتمال الأرجح أنها لا تستطيع إدراك ذلك.

وعلى الرغم من انتشار تربية القطط وشعبيتها الكبيرة لدى البشر، فما نعرفه عن طريقة تفكيرها لا يزال قليلا نسبيا، وقد تكشف الأبحاث المستقبلية أن فهم القطط للبشر محدود أكثر مما نظن حاليا. أو قد يتضح أن القطط أفضل في التعرف على الفروقات التعبيرية الاجتماعية لدى البشر في سياقات أخرى.

لكن بغض النظر عما تكشفه الدراسات، علينا أن نتجنب تفسير سلوك القطط انطلاقا من أفكار مسبقة أو وفقا لإسقاطاتنا البشرية. وقبل أن نحكم على قططنا الأليفة بأنها غير مبالية أو أنانية، يجب أن نحاول أولا النظر إلى العالم من خلال عيونها.

أنثى وحيد قرن تبحث عن الحب والزواج ما وراء البحار

تبحث أنثى وحيد القرن “إيما”البالغة خمس سنوات ذات البنية النحيلة والسلوك اللطيف، عن الحب والزواج ما وراء البحار… أما هواياتها، فتشمل التسكع مع الأصدقاء ودراسة اللغة اليابانية.