الجنيه المصري يفقد 15% من قيمته
استيقظ الشعب المصري صبيحة الخميس 27 أكتوبر على عدة قرارات من البنك المركزي المصري، كان على رأسها رفع معدلات الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، ليصبح سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة 13.25 بالمئة و14.25 بالمئة على التوالي.
كما رفع المركزي سعر العملية الرئيسية للبنك بواقع 200 نقطة أساس لتصل على 13.75 بالمئة، وتم رفع سعر الائتمان والخصم بنفس المقدار، ليصل إلى 13.75 بالمئة.
كما قررت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي تحرير سعر الصرف بشكل عام، وجعله مرنًا ليعكس سعر الصرف قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب.
تبرير الرفع والتعويم
في نفس البيان برر البنك المركزي المصري القرارات بأنها جاءت نتيجة الزيادة في الأسعار العالمية والمحلية والتي أدت لارتفاع معدل التضخم العام عن نظيره المستهدف من قبل المركزي، والبالغ 7% في المتوسط خلال الربع الرابع من 2022.
وأكدت لجنة السياسات أن الهدف من رفع الفائدة هو احتواء الضغوط التضخمية الناجمة عن الطلب وارتفاع معدل نمو السيولة المحلية.
كما برر البنك المركزي اعتماد سعر الصرف المرن بأنه خطوة تضمن استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل، حيث أنها ستساعد في تحقيق استقرار الأسعار، وبالتالي سيمكن البنك المركزي المصري من العمل على تكوين والحفاظ على مستويات كافية من الاحتياطيات الدولية.
وبالتوازي مع ذلك، سيعمل البنك المركزي المصري على بناء وتطوير سوق المشتقات المالية بهدف تعميق سوق الصرف الأجنبي ورفع مستويات السيولة بالعملة الأجنبية.
التوصل لاتفاق مع صندوق النقد
بعد ساعات من قرارات المركزي المصري، عقد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مؤتمرًا صحفيًا بصحبة سيلين آلار رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي، والتي أعلنت فيه التوصل إلى اتفاق لتمويل الموازنة المصرية بـ3 مليارات دولار خلال 6 أشهر.
مدبولي أعلن أن برنامج الحكومة الذي يدعمه صندوق النقد الدولي يهدف إلى حماية استقرار الاقتصاد الكلي وسلامة الدين العام وتحسين قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة الصدمات الخارجية التي بسبب الأزمات العالمية الكبيرة.
وأضاف مدبولي، أن البرنامج أيضا يعمل على تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية ومضاعفة الإصلاحات الهيكلية التي من شأنها دعم النمو وتوفير فرص عمل من خلال القطاع الخاص.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن واحدة من أهم توصيات المؤتمر الاقتصادي مصر 2022 بسرعة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج جديد، لأن هذا يعطي رسالة للداخل والخارج بأن أوضاع الاقتصاد المصري مستقرة وآمنة.
وقال وزير المالية محمد معيط، إن مصر ستحصل على تمويلات بقيمة 9 مليار دولار، تتضمن تمويلات من صندوق النقد الدولي وشركاء دوليين.
وأضاف معيط أن قرض صندوق النقد سيكون بقيمة 3 مليارات دولار، وأن التمويلات تتضمن مليار دولار من صندوق الاستدامة، ونحو 5 مليارات دولار من الشركاء الدوليين.
قرار جديد من المركزي
في منتصف اليوم، قرر البنك المركزي المصري رفع حد استثناء الشركات من قرار فتح الاعتمادات المستندية بقيمة نصف مليون دولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخري، بعد أن كانت ٥ آلاف دولار فقط.
وأكد قرار حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري الصادر لرؤساء البنوك، أنه سيتم العمل بتلك التعليمات اعتبارا من اليوم.
وكان البنك المركزي قد أصدر قرارا في فبراير الماضي بايقاف التعامل بمستندات التحصيل الشركات لتنفيذ العمليات الاستيرادية والاعتماد علي قرار فتح الاعتمادات المستندية مع استثناء الشركات من تقديم تلك الاعتمادات في حال أن قيمة الشحنة ٥الاف دولار.
تأثيرات متباينة
فور قرارات المركزي، قفزت البورصة المصرية بنحو 4.9% مع مكاسب قيمتها 25 مليار جنيه للأسهم، حيث ارتفعت مؤشرات البورصة بنهاية تعاملات الخميس، فصعد مؤشر “إيجي إكس 30″ بنسبة 4.92% ليغلق عند مستوى 11072 نقطة، كما ارتفع مؤشر”إيجي إكس 100” بنسبة 3.5% ليغلق عند مستوى 3243 نقطة كما ارتفع مؤشر “إيجي إكس 70” بنسبة 0.72% ليغلق عند مستويات 2241 نقطة.
وبالنسبة لسعر الصرف، ففور القرارات دخل الجنيه في سلسلة من الانخفاضات خسر فيها حوالي 15% من قيمته، بدأها من قيمة 19.7 جنيه مقابل الدولار الواحد، حتى وصلت في بعض البنوك إلى ما يزيد 23 جنيه مقابل الدولار الواحد.
وشهدت أسعار الذهب ارتفاعا في نهاية اليوم بحوالي 25 جنيهات، بعد قفزة كبيرة بداية اليوم وصلت إلى 37 جنيها ليسجل سعر الذهب عيار 21 ما قميته 1200 جنيه للجرام، ليصبح إجمالي صعود الذهب 62 جنيها.
وضع الأسعار
أكد رئيس رابطة تجار السيارات المستشار أسامة أبو المجد أن الأوفر برايس قد انخفض على جميع أنواع السيارات بالسوق المصرية بنسبة 20%.
وتوقع أبو المجد، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، استقرار الأسعار بعد قرارات المركزي، فرغم تعويم أسعار الصرف إلا أن الغالبية كانت تتعامل بنفس الأسعار قبل صدور هذا القرار، وفي حالة الإفراج عن السيارات الموجودة بالموانئ سوف يزداد المعروض وبالتالي سيكون الاختيارات أكثر للمواطن المصري.
وقال المهندس متى بشاي رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن زيادة سعر الصرف اليوم في التعاملات البنكية قد تؤدي إلى زيادة في الأسعار وخصوصًا السلع المستوردة بنسبة لا تقل عن 20%، لكنها لن تطال السلع الغذائية بشكل كبيرة.
وأوضح بشاي، في بيان صحفي، أن معظم السلع شهدت زيادات كبيرة خلال الفترة الماضية نتيجة لتوقع بارتفاع سعر الصرف، وبالتالي عدد كبير من القطاعات التجارية لن تشهد زيادات جديدة نتيجة لآن هذه الزيادات حدثت بالفعل.
وأكد أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية، أن شركات الحديد علمت على وقف التعاقدات لحين الانتهاء من حساب الزيادة في التكلفة، خاصة مع قرار تحرير سعر الصرف.
وأوضح في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أنه خلال الأيام الماضية تم التعامل بسعر دولار يبلغ 25 جنيهًا، لافتا إلى أن توفير البنوك للدولار بنحو ٢٣ جنيها يعد استقرارا، ولن يؤثر على ارتفاع الأسعار بشكل عام.
الوضع مستقبلاً
أكد الدكتور مدحت نافع، أستاذ التمويل والخبير الاقتصادي، أن قرارات المركزي برفع سعر الفائدة 2% جاءت قوية وناجحة، مثلما جاءت قرارات الحكومة داعمة ومؤكدة لما ذهب إليه المؤتمر الاقتصادي من ضرورة تحريك النشاط الاقتصادي والبدء في خطوات الاصلاح بدءا من اليوم التالي للمؤتمر الاقتصادي.
وأشار إلى أهمية دور البنك المركزي السريع والمنضبط لإمتصاص السيولة والصدمات التضخمية في الأسواق.
وقال فادي رياض كبير محللي السوق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في كابكس دوت كوم إن البورصة ارتفعت بشكل ملحوظ مع عودة المستثمرين الدوليين إلى حد ما.
وأضاف رياض، في تصريح لوكالة رويترز، “يمكن للسوق أن يجد المزيد من الدعم بسبب أداء القطاع المصرفي القوي”.
وتواصل “أخبار الآن” مع عدد من المحللين الاقتصاديين المصريين للتعليق على القرارات، لكنهم طلبوا الانتظار للأسبوع المقبل حتى تظهر نتائج القرارات بشكل واضح، حيث أن العطلة الأسبوعية للبنوك المصرية يومي الجمعة والسبت، وأي نتائج حقيقية للقرارات ستظهر من يوم الأحد المقبل.
وقال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي في تصريح خاص لـ”أخبار الآن”، أن علينا الانتظار للأسبوع المقبل حتى تظهر النتائج بشكل واضح ونستطيع تقييم الوضع.
وأكد النحاس أن النتيجة الإيجابية الملموسة حتى الآن هي انتهاء سوق العملة الموازي، حيث سيساعد إقرار سعر الصرف المرن في القضاء على السوق السوداء للعملة.
وأشار النحاس أنه كان يتوقع أن تكون صفقة صندوق النقد بمبلغ أكبر، حيث أن 3 مليارات دولار على 6 أشهر مبلغ صغير بالنسبة لبلد مثل مصر.